وغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى رأوا لوجهه ظللًا، ثم قال:"ويحك! أرسلني" قال: لا والله، لا أرسلك حتى تحسن في مواليّ، أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع، قد منعوني من الأحمر والأسود، تحصدهم في غداة واحدة، إني والله امرؤ أخشى الدوائر، قال: فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هم لك".
قال محمد بن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أن بني قينقاع كانوا أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحاربوا فيما بين بدر وأحد. سيرة ابن هشام (٢/ ٤٧).
قال الحافظ ابن القيم: كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - مع اليهود أربع غزوات.
أولها: غزوة بني قينقاع بعد بدر.
والثانية: بني النضير بعد أحد.
والثالثة: قريظة بعد الخندق.
والرابعة: خيبر بعد الحديبية.
انظر: زاد المعاد (٣/ ٢٤٩).
قال ابن سعد: حاصرهم خمس عشرة ليلة إلى هلال ذي القعدة فكانوا أول من غدر من اليهود، وحاربوا وتحصنوا في حصنهم، فحاصرهم أشد الحصار حتى قذف الله في قلوبهم الرعب فنزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أموالهم، وأن لهم النساء والذرية، فأمر بهم فكتفوا، واستعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على كتافهم المنذر بن قدامة السلمي من بني السلم رهط سعد بن خيثمة. فكلم فيهم عبد الله بن أبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وألحّ عليه فقال: خلوهم لعنهم الله، ولعنه معهم، وتركهم من القتل. أمر بهم أن يجلوا من المدينة، وتولّى إخراجهم منها عبادة بن الصامت. فلحقوا بأذرعات فما كان أقل بقاءهم بها. الطبقات (٢/ ٢٩).
[٥ - غزوة السويق]
قال ابن إسحاق: ثم غزا أبو سفيان بن حرب غزوة السويق في ذي الحجة (في السنة الثانية من الهجرة).
وذلك أن أبا سفيان بن حرب لما رجع المشركون من بدر إلى مكة حرّم الدهن حتى يثأر من محمد وأصحابه فخرج في مائتي راكب، في حديث الزهري، وفي حديث ابن كعب: في أربعين راكبًا، فسلكوا النجدية فجاؤوا إلى بني النضير ليلًا فطرقوا حيي بن أخطب، فأبى أن يفتح لهم بابه، فطرقوا سلام بن مشكم ففتح لهم وقراهم، وسقاهم خمرًا، وأخبرهم من أخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان بالسحر خرج أبو سفيان بن حرب فمرَّ بالعريض وبينه وبين المدينة نحو من ثلاثة أميال، فقتل به رجلا من الأنصار وأجيرًا له، وحرق أبياتًا هناك وتبنًا، ورأى أن يمينه قد حلّت، ثم ولى هاربًا، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فندب أصحابه وخرج في مائتي رجل من المهاجرين والأنصار في أثرهم يطلبهم، وجعل أبو سفيان وأصحابه يتخففون فيلقون جرب السويق، وهي عامة