يا رسول الله، ما وجدت في الركب من قطرة، وكان رجل من الأنصار يبرد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الماء، في أشجاب له، على حماره من جريد، قال: فقال لي: "انطلق إلى فلان بن فلان الأنصاري، فانظر هل في أشجابه من شئ" قال: فانطلقت إليه فنظرت فيها فلم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها، لو أني أفرغه لشربه يابسه، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله! إني لم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها، لو أني أفرغه لشربه يابسه، قال:"اذهب فأتني به" فأتيته به، فأخذه بيده فجعل يتكلم بشيء لا أدري ما هو، ويغمزه بيديه، ثم أعطانيه فقال:"يا جابر، ناد بجفنة" فقلت: يا جفنة الركب! فأتيت بها تحمل، فوضعتها بين يديه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده في الجفنة هكذا، فبسطها وفرق بين أصابعه، ثم وضعها في قعر الجفنة، وقال:"خذ، يا جابر! " فصب علي، وقل:"باسم الله" فصببت عليه وقلت: باسم الله، فرأيت الماء يفور من بين أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم فارت الجفنة ودارت حتى امتلأت، فقال:"يا جابر! ناد من كان له حاجة بماء" قال: فأتى الناس فاستقوا حتى رووا، قال: فقلت: هل بقي أحد له حاجة؟ فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده من الجفنة وهي ملأى ... الحديث.
صحيح: رواه مسلم في الزهد (٧٤: ٣٠٣١) من طريق عن حاتم بن إسماعيل، عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم حتى أتينا جابر بن عبد الله، فذكره.
شرح الغريب:
في أشجاب له: الأشجاب جمع شجب وهو: السقاء الذي قد أخلق وبلي وصار شنا يقال: شاجب؛ أي: يابس وهو من الشجب الذي هو الهلاك.
حمارة: هي: أعواد تعلق عليها أسقية الماء.
لشربه يابسه: معناه: أنه قليل جدًّا فلقلته مع شدة يبس باقي الشجب وهو السقاء لو أفرغته لاشتفه اليابس منه ولم ينزل منه شيء.
ويغمز بيديه: أي يعصره.
يا جفنة الركب: أي: يا صاحب جفنة الركب فحذف المضاف للعلم بأنه المراد وأن الجنفة لا تُنادى ومعناه يا صاحب جفنة الركب التي تشبعهم أحضرها أي من كان عنده جفنة بهذا الصفة فليحضرها.
٨ - باب مجّ النبي - صلى الله عليه وسلم - في البئر يوم الحديبية فخرج منها الماء
• عن البراء قال: كنا يوم الحديبية أربع عشرة مائة والحديبية بئر، فنزحناها حتى