قوله: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} أي: لا يعب بعضكم على بعض، ولا يطعن بعضكم على بعض، واللمز يكون بالقول في بيان العيوب، والهمز يكون بالفعل كالإشارة باليد وطرف العين ونحو ذلك، وكلاهما محرم، متوعد عليه بالنار. قال تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} [الهمزة: ١].
وقوله: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} أي: لا ينادي بعضكم بعضا بالألقاب التي لا يرضاها صاحبها.
• عن أبي جبيرة بن الضحاك قال: فينا نزلت الآية، قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وما منا رجل إلا له اسمان أو ثلاثة، كان إذا دعا الرجل بالاسم، قلنا: يا رسول الله! إنه يغضب من هذا، فأنزلت: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
صحيح: رواه أبو داود (٤٩٦٢) والترمذي (٣٢٦٨) وابن ماجه (٣٧٤١) وصحّحه ابن حبان (٥٧٠٩) والحاكم (٢/ ٤٦٣) كلهم من طريق داود بن أبي هند، قال: سمعت عامرا الشعبي، يحدث عن أبي جبيرة بن الضحاك، قال: فذكره. وإسناده صحيح.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
٦ - باب قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (١٢)}
حذر الله في هذه الآية من سوء الظن، ونهى عن البحث عن عورات الناس وتتبعها، ونهى عن اغتيابهم وذكر مساويهم، والأحاديث النبوية في ذلك كثيرة، منها:
• عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا".
متفق عليه: رواه مالك في حسن الخلق (١٥) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكره. ورواه البخاري في الأدب (٦٠٦٦) ومسلم في البر والصلة والآداب (٢٥٦٣) كلاهما من طريق مالك به نحوه.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا"، ويشير إلى صدره ثلاث مرات: "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على