مرار. قال: يا رسول الله، إن لي مالا كثيرا، وإنما يرثني ابنتي، أفأوصي بمالي كله؟ قال:"لا". قال: فبالثلثين؟ قال:"لا". قال: فالنصف؟ قال:"لا". قال: فالثلث؟ قال:"الثلث، والثلث كثير، إن صدقتك من مالك صدقة، وإن نفقتك على عيالك صدقة، وإن ما تأكل امرأتك من مالك صدقة، وإنك أن تدع أهلك بخير -أو قال بعيش- خير من أن تدعهم يتكففون الناس". وقال: بيده.
صحيح: رواه مسلم في الوصية (١٦٢٨ - ٨) عن محمد بن أبي عمر المكي، ثنا الثقفي، عن أيوب السختياني، عن عمرو بن سعيد، عن حميد بن عبد الرحمن، عن ثلاثة من ولد سعد، كلهم يحدثه عن أبيه فذكره.
٨ - باب قوله - صلى الله عليه وسلم - لسعد:"يُنْفَع بك أقوام ويُضَرُّ بك آخرون"
• عن سعد بن أبي وقاص قال: عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع من وجع أشفيت منه على الموت، فقلت: يا رسول الله! بلغني ما ترى من الوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال:"لا". قال: قلت: أفأتصدق بشطره؟ قال:"لا، الثلث والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله، إلا أجرت بها، حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك". قال: قلت: يا رسول الله، أُخَلَّفُ بعد أصحابي؟ . قال:"إنك لن تُخَلَّف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة، ولعلك تُخَلَّف حتى يُنْفَع بك أقوام، ويُضَرَّ بك آخرون. اللهم! أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم. لكن البائس سعد بن خولة".
قال: رثى له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أن توفي بمكة.
متفق عليه: رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٩٣٦)، ومسلم في الوصية (١٦٢٨ - ٥) كلاهما من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص فذكره.
قوله:"لعلك تُخَلَّف حتى يُنْفَع بك أقوام ... " أي: أنك لا تموت في هذا المرض بل تبقى، فعاش -رضي الله عنه- بعده حتى فتح العراق وغيره، فانتفع به المسلمون وتضرر به الكفار حيث فتح القادسية في خلافة عمر بن الخطاب.
• عن أبي موسى قال: مرض سعد بمكة، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده، فقال له: يا رسول الله، أليس تكره أن يموت الرجل في الأرض التي هاجر منها؟ قال:"بلى، ولعل الله تبارك وتعالى يرفعك فيضر بك قوما وينفع آخرين بك".