والثاني: لا تطهر، وهو المشهور في مذهب مالك، وهو أشهر الروايتين عن أحمد أيضا، اختارها أكثر أصحابه، لكن الرواية الأولى هي آخر الروايتين عنه كما نقله الترمذي عن أحمد بن الحسن الترمذي عنه أنه كان يذهب إلى حديث ابن عكيم ثم ترك ذلك بأخرة" اهـ. مجموع الفتاوي (٢١/ ٩٠ - ٩١).
وذهب بعض أهل العلم إلى الجمع بين حديث ابن عباس وحديث ابن عُكيم منهم الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى فقال: "وطائفة عملت بالأحاديث كلها، ورأت أنه لا تعارض بينها، فحديث ابن عكيم إنما فيه النهي عن الانتفاع بإهاب الميتة. - والإهاب: هو الجلد الذي لم يدبغ، كما قاله النضر بن شميل، وقال الجوهري: الإهاب الجلد ما لم يدبغ، والجمع: أُهُب - وأحاديث الدباغ: تدل على الاستمتاع بها بعد الدباغ، فلا ننافي بينها، وبهذه الطريقة تأتلف السنن، وتستقر كل سنة منها في مستقرها، وبالله التوفيق". تهذيب السنن (٦/ ٦٧ - ٦٨).
[٣ - باب ما جاء في النهي عن جلود السباع]
• عن أبي المليح بن أسامة، عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهي عن جلود السباع. وزاد في رواية: أن تفترش.
صحيح: رواه أبو داود (٤١٣٢)، والترمذي (١٧٧٠)، والنسائي (٤٢٦٤)، وأحمد (٢٠٧٠٦)، والحاكم (١/ ١٤١)، والضياء في المختارة (١٣٧٩) كلهم من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي المليح فذكره.
قال الحاكم: "هذا الإسناد صحيح، فإن أبا المليح اسمه عامر بن أسامة، وأبوه أسامة بن عمير صحابي من بني لحيان مخرج حديثه في المسانيد".
وهو كما قال، وإن كان سعيد بن أبي عروبة قد اختلط فهو من أعلم الناس بحديث قتادة. وقد رواه عنه جمعٌ منهم أئمة كبار كابن المبارك، وابن علية، ويحيى القطان وغيرهم.
ولكن رواه الترمذي أيضا (١٧٧١) من طريق شعبة، عن يزيد الرّشك، عن أبي المليح، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره. ثم قال: "وهذا أصح" يعني المرسل.
وقال قبله: "ولا نعلم أحدًا قال: عن أبي المليح، عن أبيه غير سعيد بن أبي عروبة. كذا قال.
تنبيه:
وقد جاء في الإتحاف لابن حجر (١/ ٣٣٥) قوله: "رواه أحمد عن محمد بن جعفر وإسماعيل، عن سعيد -. وعن بهز، عن همام - كلاهما عن قتادة به". وكذا في أطراف المسند (١/ ٢٥٢).
قلت: رواية بهز لم أقف عليها في مسند أسامة بن عمير من "المسند" نعم يوجد بهذا الإسناد حديث الشَّقيص مرسلا (٢٠٧١٠)، وحديث الصلاة في الرحال (٢٠٧١١)، فإن ثبت هذا الإسناد عند الإمام أحمد، فيكون همام متابعا لسعيد بن أبي عروبة، وأنه لم يتفرد به كما ذكره الترمذي والله أعلم.