للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال قيس: والناس ينكرون هذا على معاوية.

قلت: لا شك في وهم معاوية رضي الله عنه، ومثل هذا الوهم جائز لكلّ بشر سوي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قال الحافظ ابن القيم. وفي رواية حماد بن سلمة عن قيس كلام وقد سبق ذكره.

والخلاصة أن هذا التقصير من معاوية وقع في عمرة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من الجعرانة، ولم يقع ذلك في حجّه.

وأما قوله: "أو رأيته يقصر عنه بمشقص وهو على المروة". فيكون المقصر غير معاوية، ويكون معاوية هو راوي هذه القصة.

فهل نسي معاوية -رضي الله عنه- الأمرين: الأول كان ذلك في عمرته في الجعرانة فجلعه في حجه. والثاني: هل هو الذي قصره أو غيره؟ فاختار البخاري بأنه هو الذي قصره.

واختار مسلم أمرين: الجزم في رواية سفيان بن عيينة، عن هشام بن حجير، عن طاوس، قال: قال ابن عباس: قال لي معاوية: أعلمت أني قصرت من رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند المروة بمشقص؟ فقلت له: لا أعلم هذا إلّا حجّة عليك.

والشّك في رواية يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، كما مضى.

[١٣ - باب ما جاء في أمر الحديبية]

• عن البراء بن عازب، قال: لَمَّا اعْتَمَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ذِي الْقَعْدَةِ فَأَبَي أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا هَذَا مَا قَاضَي عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله قَالُوا: لا نُقِرُّ لَكَ بِهَذَا، لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ الله مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله. فَقَال: "أَنَا رَسُولُ الله، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله". ثُمَّ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه-: "امْحُ رَسُولَ اللهِ". قَالَ عَلِيٌّ: لا وَاللهِ لا أَمْحُوكَ أَبَدًا. فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْكِتَابَ وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ فَكَتَبَ: "هَذَا مَا قَاضَي عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله لا يُدْخِلُ مَكَّةَ السِّلَاحَ إِلا السَّيْفَ فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَأَنْ لا يَمْنَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا". فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ اخْرُجْ عَنَّا فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ. فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ تُنَادِي يَا عَمِّ يَا عَمِّ فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ حَمَلَتْهَا فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ. قَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَخَذْتُهَا وَهِيَ بِنْتُ عَمِّي. وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهضا تَحْتِي. وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِخَالَتِهَا. وَقَال: "الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ" وَقَالَ لِعَلِيٍّ: "أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ". وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: "أَشْبَهْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>