قلت: الحسن هو البصريّ، وسماعه من عمران بن حصين محل خلاف، والجمهور على نفيه، منهم ابن المدينيّ، والبخاري ومسلم، وأبو حاتم الرازيّ، والبرديجيّ، والبيهقيّ، ثمّ هو عنعن ولم يصرح إِلَّا أنه توبع في أصل الحديث ولذا صحّحه الترمذيّ وغيره.
وقيل: استعمال الكي على وجه العلاج في أمر يحتاج إليه إنسان يجوز أن ينجح فيه، ويجوز أن لا ينجح فيه، فإذا غلب عليه النجاح جاز استعماله، وإذا غلب عليه الهلاك أو عدم النجاح كره ذلك، فكان النهي لعمران من هذا السبيل؛ لأن له علة الباسور وإن الكي يزيده خطرا على المرض، ولذا نهاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكي.
• عن عبد الله بن مسعود قال: جاء ناس فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صاحب لهم أن يكووه فسكت، ثمّ سألوه ثلاثًا فسكت، وكره ذلك.
صحيح: رواه ابن حبَّان (٦٠٨٢)، والطحاوي في شرحه (٦٩٩٨) كلاهما عن شعبة، قال: أنبأنا أبو إسحاق قال: سمعت أبا الأحوص يحدث عن عبد الله بن مسعود قال: فذكره.
وإسناده في غاية من الصحة لأن شعبة كان من قدماء أصحاب أبي إسحاق.
والحديث رواه أيضًا عبد الرزّاق (١٩٥١٧)، وأحمد (٣٧٠١)، والطحاوي في شرحه (٦٩٩٩)، والحاكم (٤/ ٤١٦) كلّهم من طرق أخرى عن أبي إسحاق فذكر نحوه.
ولفظ أحمد وغيره: "اكووه وارضفوه رضفا" أي اجعلوه على حجارة محماة كأنه قال ذلك وهو غضبان.
[١٣ - باب ما جاء في جواز الكي]
• عن جابر قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بن كعب طبيبا، فقطع منه عرقا، ثمّ كواه عليه.
صحيح: رواه مسلم في السّلام (٢٢٠٧) من طريق أبي معاوية (هو محمد بن خازم)، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر فذكره.
وأبي بن كعب رُمِيَ يوم الأحزاب على أكحله فكواه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما رواه مسلم من طريق شعبة عن الأعمش.
• عن جابر قال: رُمِيَ سعد بن معاذ في أكحله قال: فحسَمه النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بيده بمِشْقَصٍ ثمّ وَرِمَتْ، فحسمه الثانيةَ.
صحيح: رواه مسلم في السّلام (٢٢٠٨) من طريق أبي خيثمة (زهير بن معاوية)، عن أبي الزُّبير، عن جابر فذكره.
قوله: "أكحله" هو عرق في الذراع، منه يسحب الدم.