للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وغيرهم فلم يُجبه أحد منهم إلى ما سأل.

وقال موسى بن عقبة عن الزهري: فكان في تلك السنين - أي التي قبل الهجرة - يعرض نفسه على القبائل، ويكلم كل شريف قوم، لا يسألهم إلا أن يؤدوه، ويمنعوه. ويقول: لا أكره أحدًا منكم على شيء، بل أريد أن تمنعوا من يؤذيني حتى أبلغ رسالة ربي. فلا يقبله أحد. بل يقولون: قوم الرجل أعلم به.

فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحزن أشد الحزن على المشركين لتركهم الإيمان فقال الله تعالى مُسلّيًا إياه.

{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (٦)} [الكهف: ٦].

وقال تعالى: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فاطر: ٨].

وقال تعالى: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} [الحجر: ٨٨].

وقال تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣)} [الشعراء: ٣].

إلى غيرها من الآيات.

[٣٣ - حرب بعاث بين الأوس والخزرج ثم جمعهم الله تحت راية الإسلام]

• عن عائشة قالت: كان يوم بُعاث يومًا قدّمه الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -. فقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد افترق ملؤهم، وقتلت سرواتهم، وجرّحوا. فقدمه الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - في دخولهم في الإسلام.

صحيح: رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٧٧٧) عن عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.

وبعاث - هو المكان الذي وقعت فيه الحرب بين الأوس والخزرج وقتل فيها رئيس الأوس حضير والد أسيد بن حضير، وقتل فيها أيضًا رئيس الخزرج عمرو بن النعمان البياضي. وكان النصر أولا للخزرج، ثم للأوس. وكان ذلك قبل مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - بخمس سنين.

وقولها: سروات: جمع سراة وهو الشريف.

• عن محمود بن لبيد أخي بني عبد الأشهل قال: لما قدم أبو الحيسر أنس بن رافع مكة، ومعه فتية من بني عبد الأشهل فيهم إياس بن معاذ يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج، سمع بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتاهم فجلس إليهم، فقال لهم: "هل لكم إلى خير مما جئتم له؟ " قالوا: وما ذاك؟ قال: "أنا رسول الله، بعثني إلى العباد أدعوهم إلى أن يعبدوا الله لا يشركوا به شيئًا، وأنزل علي كتاب" ثم ذكر الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فقال إياس بن معاذ، وكان غلامًا حدثًا: أي قوم! هذا والله خير مما جئتم له، قال: فأخذ أبو حيسر أنس بن رافع حفنة من البطحاء فضرب بها في وجه إياس بن معاذ، وقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم وانصرفوا إلى المدينة، فكانت

<<  <  ج: ص:  >  >>