الجهد، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا رجل يضيِّفه هذه الليلة، يرحمه الله؟ " فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله، فذهب إلى أهله، فقال لامرأته: ضيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا تدخريه شيئًا. قالت: والله! ما عندي إِلَّا قوت الصبية. قال: فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالي، فأطفئي السراج، ونطوي بطوننا الليلة، ففعلت، ثمّ غدا الرّجل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال:"لقد عجب الله عَزَّ وَجَلَّ أو ضحك من فلان وفلانة" فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر: ٩].
متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٨٨٩)، ومسلم في الأشربة (٢٠٥٤) كلاهما من طريق فضيل بن غزوان، حَدَّثَنَا أبو حازم الأشجعي، عن أبي هريرة قال: فذكره. واللّفظ للبخاري، ولفظ مسلم نحوه.
وفي رواية عند مسلم:"فقام رجل من الأنصار، يقال له: أبو طلحة".
وأبو طلحة اسمه زيد بن سهل، مات سنة ٣٤ هـ.
[١١٦ - باب أخبار أبي طلحة]
• عن أنس أن أبا طلحة قرأ سورة براءة، فأتى على هذه الآية:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}[التوبة: ٤١] فقال: ألا أرى ربي يستنفرني شابا وشيخا، جهِّزوني، فقال له بنوه: قد غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى قبض، وغزوت مع أبي بكر حتَّى مات، وغزوت مع عمر، فنحن نغزو عنك، فقال: جهّزوني، فجهّزوه وركب البحر فمات، فلم يجدوا له جزيرة يدفنونه فيها إِلَّا بعد سبعة أيام، فلم يتغير.
صحيح: رواه ابن سعد في الطبقات (٣/ ٥٠٧)، وأبو يعلى (٣٤١٣)، وابن حبَّان (٧١٨٤)، والحاكم (٣/ ٣٥٣) كلّهم من حديث حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس فذكره. وإسناده صحيح.
قال الحاكم:"صحيح على شرط مسلم".
وصحّحه أيضًا الحافظ ابن حجر في ترجمة زيد بن سهل من الإصابة.
• عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لصوت أبي طلحة أشد على المشركين من فئة".
صحيح: رواه أحمد (١٣١٠٥) عن يزيد بن هارون، أخبرنا حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس فذكره.
ورواه ابن أبي شيبة (٣٤١٠٧)، وأحمد (١٣٦٠٤)، وأبو يعلى (٣٩٨٣)، وصحّحه الحاكم (٣/ ٢٥٢ - ٢٥٣) كلّهم من طرق، عن عليّ بن زيد بن جدعان، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: