وقوله: {وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} أي اشهدوا على أنفسكم ولو عاد ضررها عليكم. وفيه حث على بيان الحق ولا تأخذهم في اللَّه لومة لائم.
وقوله: {أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} وكذلك أداء الشهادة على الوالدين والأقربين من الأولاد والإخوان وغيرهم فحكم اللَّه مقدم على جميع الحقوق.
وقوله: {وَإِنْ تَلْوُوا} أي تحرفوا الشهادة وتغيروها لتبطلوا الحق.
"واللَّي" هو التحريف وتعمد الكذب ومنه قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: ٧٨].
٦٦ - باب قوله: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (١٤١)}
فيه إخبار عن المنافقين الذين يتربصون بالمؤمنين دوائر السوء، فاللَّه يَعِد المؤمنين بحسن العاقبة، ولن يكون للكافرين سبيلا على المؤمنين. وقد تحقق ذلك في عهد النبوة وفي عهد الخلفاء الراشدين.
وإن أريد به العموم إلى يوم القيامة فالمقصود بالمؤمنين هم المؤمنون حقا. فمتى تحقق ذلك، واستقام المؤمنون على ذلك تكون لهم الغلبة والنصر كما حصل لهم في الماضي. وفيه تطمين للمؤمنين.
٦٧ - باب قوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (١٤٢)}
قوله: {وَهُوَ خَادِعُهُمْ} أي مجازيهم على خدعتهم، لأن اللَّه لا يخادع.
وقوله: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ} أي أنّ قيامهم إلى الصلاة، يكون متثاقلا؛ لأنهم لا يريدون وجه اللَّه وإنما يعملون رياء، ولذا إذا سنحت لهم الفرصة غابوا عن الصلاة مثل صلاة العشاء وصلاة الفجر لعدم رؤيتهم كما ثبت في الصحيح.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر. . . ".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأذان (٦٥٧)، ومسلم في المساجد (٦٥٠: ٢٥٢) كلاهما من حديث الأعمش، قال: حدثني أبو صالح، عن أبي هريرة قال: فذكره.
• عن العلاء بن عبد الرحمن، أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر، وداره بجنب المسجد. فلما دخلنا عليه قال: أصليتم العصر؟ .