يَعْجبُ -أو يُعجِبُه ريحُها- وإنَّ ريح الصائم أطيب عند اللَّه من ريح المسك.
وآمركم بالصَّدقة، فإنَّ مَثَلَ ذلك كمثل رجل أَسَرَهُ العَدُوُّ فأوثقوا بده إلى عنقه، وقدّمُوه ليضربوا عُنُقَه فقال: أنا أفديه منكم بالقليل والكثير ففدى نفسه منهم.
وآمركم أن تذكروا اللَّه، فإنّ مَثَلَ ذلك كمثل رجل خرج العدُوُّ في أثره سِرَاعًا حتى إذا أتى على حِصْن حَصِينٍ فأَحْرَز نفسَه منهم، كذلك العبد لا يُحْرِز نفسَه من الشيطان إلا بذكر اللَّه".
قال النّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وأنا آمركم بخمسٍ اللَّه أمرني بهنّ: السّمع والطّاعة، والجهاد والهجرة، والجماعة، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يُراجِعَ، ومَنِ ادَّعى دَعْوَى الجاهليّة، فإنّه من جُثا جهنّم". فقال رجل: يا رسول اللَّه، وإن صلّى وصام؟ قال: "وإنْ صلّى وصام، فادْعُوا بدَعْوى اللَّه الذي سَمَّاكُم المسلمين المؤمنين عباد اللَّه".
صحيح: رواه الترمذيّ (٢٨٦٣) عن محمد بن إسماعيل (البخاريّ) حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبان بن يزيد، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، أنّ أبا سلّام، حدّثه، فذكر مثله.
قال الترمذيّ: "حديث حسن صحيح غريب. قال محمد بن إسماعيل (البخاريّ): "الحارث الأشعري له صحبة وله غير هذا الحديثه".
ورواه أيضًا عن محمد بن بشّار، حدّثنا أبو داود الطّيالسيّ، حدّثنا أبان بن يزيد، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلّام، عن أبي سلّام، عن الحارث الأشعريّ، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، بمعناه.
وقال: "هذا حديث حسن غريب، وأبو سلّام: اسمه ممطور، وقد رواه علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثيره". انتهى.
قلت: ورواه أحمد (١٧١٧٠)، وصحّحه ابن خزيمة (١٨٩٥)، وابن حبان (٦٢٣٣)، والحاكم (١/ ٤٢١) كلّهم من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به نحوه.
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
٦ - باب أن الإيمان باللَّه تعالى من أفضل الأعمال
عن أبي هريرة، أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل: أيّ العمل أفضل؟ فقال: "إيمان باللَّه ورسوله". قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيل اللَّه". قيل: ثم ماذا؟ قال: "حجّ مبرور".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الإيمان (٢٦)، ومسلم في الإيمان (٨٣) كلاهما من حديث إبراهيم ابن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكره، ولفظهما سواء.