رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال:"هل عندكم شيء؟ " فقلت: لا، إلا كسر يابسة وخلّ، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قَرّبيه، فما أقفر بيتٌ من أدمٍ فيه خلٌّ".
قال أبو عيسى:"هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، لا نَعرفه من حديث أم هانئ إلا من هذا الوجه، وأبو حمزة الثُّمالي اسمه: ثابت بن أبي صفية، وأمُّ هانئ ماتتْ بعد علي بن أبي طالب بزمان، وسألت محمدا -يعني البخاري- عن هذا الحديث قال: لا أعرف للشعبي سماعا من أم هانئ، فقلت: أبو حمزة كيف هو عندك؟ فقال: أحمد بن حنبل تكلَّم فيه، وهو عندي مُقاربُ الحديث". انتهى.
قلت: حسّنَ الترمذيُّ حديث أبي حمزة الثُّمالي بناءًا على قول البخاري: "مقاربُ الحديث" بينما نقل المزي في تهذيبه عن أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبي حاتم، والنسائي، وحفص بن غياث، وأبي أحمد ابن عدي تضعيفَه، ولم يذكر قولَ البخاري، وكذا فعل الحافظُ ابنُ حجر في تهذيب التهذيب فلم يذكر قولَ البخاري، وذكر فيه أقوال الأئمة الآخرين في تضعيفه، يعني خفي عليهم قول البخاري، لأن الترمذي ذكره في أثناء الإسناد.
ولذا وجب علينا علماء الحديث وضع خطة شاملة كاملة لرواة الحديث لصيانة الحديث، وإليكم هذه الخطة.
[موسوعة رواة الحديث]
وأمر آخر يستحقّ الدراسة في مجال الحديث، هو ما يقع خللٌ في تراجم الرواة، ويكون سببا لاختلاف الحكم، فرأيتُ أن أُقَدِّمَ "مشروع الجامع الكامل لرواة الحديث لصيانة الحديث" فإني خلالَ عملي في "الجامع الكامل" عانيتُ كثيرًا في معرفة ما قيل في رواة الحديث البالغ عددُهم حسب تقديري نحو خمسين ألفًا إلى نهاية القرن الخامس الذي أراه نهايةَ عصر الرواية.
لأن المعلومات عنهم مُبعثرةٌ في كتب الرجال، وفي بطون كتب الحديث، فتجد مثلا يقال: فلان لم يُوثّقه أحد فهو في عداد المجهولين، ثم تَجِد في مصدر من المصادر توثيقَ بعضِ الأئمة له، وكذلك قيل في راوٍ: إنه لم يرو عنه إلا راوٍ واحدٌ، ثم تجد في مَصادر أخرى روى عنه جمعٌ، وكذلك قيل في راوٍ: إنه يُرسل عن فلان، ثم تجد في كتب الحديث أنه صرّح بالسماع منه، وهكذا.