وآخره. فقال: "وهذا اختيار أبي شامة، وابن عبد السلام، والنووي. وقال: إنه قول أكثر العلماء، ومنهم المزني".
قلت: وهو اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية كما نقل عنه البعلي الدمشقي في "الاختيارات الفقهية" (ص ٢٠)، فقال: "وهو في جميع الأوقات مستحب، والأصح ولو للصائم بعد الزوال، وهو رواية عن أحمد، وقاله مالك وغيره".
وفي الباب أحاديث أخرى ذكرها ابن الملقن في "البدر المنير" ولم يصح منها شيء.
٣٠ - باب الصائم يصبُّ عليه الماء من العطش
• عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الناس في سفره عام الفتح بالفطر. وقال: "تقوّوا لعدوّكم" وصام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال أبو بكر: قال الذي حدّثني: لقد رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعَرْج يصُبُّ الماء على رأسه من العطش أو من الحرّ. ثم قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، إنّ طائفةً من الناس قد صاموا حين صُمتَ. قال: فلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالكَديد دعا بقَدَح فشرب، فأفطر النّاسُ.
صحيح: رواه مالك في الصيام (٢٢) عن سُميٍّ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ورواه أبو داود (٢٣٦٥)، والنسائي في الكبرى (٣٠١٧)، وأحمد (١٥٩٠٣)، والحاكم (١/ ٤٣٢) كلّهم من حديث مالك، به، مثله إلا أنّ النسائي. رواه مختصرًا.
ورواه الحاكم من وجهين: عبد الصمد بن الفضل وإسحاق بن الهياج كلاهما عن محمد بن نعيم السعدي، ثنا مالك بن أنس، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعرج يصبّ على رأسه الماء من الحرّ وهو صائم".
قال الحاكم: "هذا حديث له أصل في الموطأ، فإن كان محمد بن نُعيم حفظه هكذا، فإنه صحيح على شرط الشيخين".
قال الحافظ في "اللسان" في ترجمة إسحاق بن الهياج البلخي، عن محمد بن نعيم السعديّ البصريّ ... قال الدارقطني: وهم فيه في موضعين. وهو في "الموطأ" عن مالك، عن سمي، عن أبي بكر، عن بعض الصحابة غير مسمى".
وقال الحافظ ابن عبد البر في "التمهيد" (٢٢/ ٤٧): "هذا حديث مسند صحيح، ولا فرق بين أن يسمي التابعُ الصاحبَ الذي حدّثه أو لا يسميه في وجوب العمل بحديثه؛ لأنّ الصحابة كلّهم