وسكت شاب منهم، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - سكت ألظّ به النشدة، فقال: اللهم إذ نشدتنا، فإنا نجد في التوراة الرجم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فما أول ما ارتخصتم أمر الله؟ " قال: زنى ذو قرابة من ملك من ملوكنا فأخر عنه الرجم، ثم زنى رجل في أسرة من الناس فأراد رجمه، فحال قومه دونه وقالوا: لا يرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه، فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم:"فإني أحكم بما في التوراة، فأمر بهما فرجما".
قال الزهري: فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا}[المائدة: ٤٤] كان النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم.
ورواه الإمام أحمد (٦٣٨٥) عن عبد الرزاق بإسناده مختصرا، ورواه أيضا أبو داود (٤٤٥١) من وجه آخر عن محمد بن إسحاق، عن الزهري قال: سمعت رجلا من مزينة يحدث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: زني رجل وامرأة من اليهود، وقد أحصنا حين قدم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم المدينة، وقد كان الرجم مكتوبا عليهم في التوراة، فتركوه وأخذوا بالتجيية يُضرب مائة بحبل مطلي بقار، ويحمل على حمار، وجهه مما يلي دبر الحمار، فاجتمع أحبار من أحبارهم، فبعثوا قومًا آخرين إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقالوا: سلوه عن حد الزاني، وساق الحديث فقال فيه: قال: ولم يكونوا من أهل دينه فيحكم بينهم. فخيّر في ذلك قال:{فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}[المائدة: ٤٧] ورواه البيهقي (٨/ ٢٤٧) من طريق أبي داود وفيه أيضا رجل من مزينة لم يسم.
٤ - باب ثبوت رجم المُحْصَن في كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
• عن عبد الله بن عباس أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء إذا أُحصن، إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف.
متفق عليه: رواه مالك في الحدود (٨) عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عبد الله بن عباس، فذكره.
وهو طرف من خطبة طويلة كانت في آخر حجة حجها عمر بن الخطاب بعد أن رجع إلى المدينة.
رواها بطولها البخاري في الحدود (٦٨٣٠) من طريق صالح (هو ابن كيسان) عن الزهري، به.
وروى البخاري طرفا في الحدود أيضا (٦٨٢٩) عن علي بن عبد الله، حدثنا سفيان (هو ابن عيينة عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر بن الخطاب وهو جالس على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله قد بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم، قرأناها ووعيناها وعقلناها. فرجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده، فأخشي إن طال بالناس زمان، أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة،