للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: "لِيَثْنينَّهما" هو بفتح الياء في أوله، معناه يقرن بينهما، وهذا يكون بعد نزول عيسي عليه السلام من السماء في آخر الزمان.

وأما فجّ الرّوحاء فبفتح الفاء وتشديد الجيم، قال الحافظ أبو بكر الحارثيّ: "هو بين مكة والمدينة، قال: وكان طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر وإلى مكة عام الفتح، وعام حجة الوداع". انظر: "شرح النووي على مسلم" (٨/ ٢٣٣).

١٦ - باب من قال: إنّ فسخ الحجّ إلى العمرة كان خاصًا لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

قال تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}. [سورة البقرة: ١٩٦].

فالله تعالى يأمر بإتمام الحجّ والعمرة، وثبت من السنة المتواترة أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بفسخ الحجّ إلى العمرة فدفعا للتعارض بين الآية وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: هذا خاص لأصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويبقى إتمام الحجّ والعمرة لغيرهم إلى يوم القيامة، ويدل عليه عمل الخلفاء الراشدين غير علي بن أبي طالب، ومن بعدهم من التابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين. وقالوا: إنّ السبب في ذلك أنهم كانوا في الجاهلية يعتقدون أن التمتع بالعمرة إلى الحجّ من أفجر الفجور، فأمرهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بفسخ الحجّ إلى العمرة ليبيّن جواز العمرة في أشهر الحجّ وقد حصل معرفة ذلك، فلا حاجة بعد ذلك إلى الفسخ. ولكن التمتع رخصة للمبتدأ بها توفيقًا بين أقاويل الصحابة. ولولا علمهم بأن ذلك خاص للركب الذين كانوا مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يقدموا على تغيير حكم الشريعة، ولم يطاوعهم المسلمون على ذلك، ولا يجوز لمسلم أن يظن بهم ذلك. انظر: "شرح العمدة" (١/ ٤٩٦).

• عن أبي الأسود النّوفليّ أنه سأل: قَدْ حَجَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً, ثُمَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَأَيْتُهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا عُمْرَةً، وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ فَلا يَسْأَلُونَهُ، وَلا أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى مَا كَانُوا يَبْدَءُونَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَضَعُوا أَقْدَامَهُمْ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لا يَحِلُّونَ, وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّي وَخَالَتِي حِينَ تَقْدَمَانِ لا تَبْتَدِئَانِ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنَ الْبَيْتِ تَطُوفَانِ بِهِ ثُمَّ إِنَّهُمَا لا تَحِلانِ، وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلانٌ وَفُلانٌ بِعُمْرَةٍ فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>