وقوله: "صم يومًا ولك أجر ما بقي" يعني لك أجر ما بقي من العشر، وكذلك قوله: "صم يومين ولك أجر ما بقي" يعني من العشرين، وكذلك صم ثلاثا ولك أجر ما بقي: يعني من الثلاثين، وكذلك صم أربعًا ولك أجر ما بقي: يعني من الأربعين، وذلك جار على تضعيف الحسنات بعشر أمثالها، إلا أن البعض قال: صوم الرابع لا أجر فيه لأن الشهر ينتهي بصوم الثلاثة.
ولذا حذف ابن حبان صوم الرابع (٣٦٥٨) مع أنه رواه عن شيخه ابن خزيمة (٢١٠٦) عن عبد الوارث بن عبد الصمد، حدّثنا أبي، حدّثنا شعبة بإسناده وأثبت ابن خزيمة صوم الرابع.
اشتهر حديث عبد الله بن عمرو بن العاص في هذا الباب، وكثر رواته، فكثر اختلافه حتى ظنّ من لا بصيرة عنده أنه مضطرب.
قال القرطبي في "المفهم" (٣/ ٢٢٤): "وهو ليس كذلك، فإنه إذا تتبع اختلافه، وضمَّ بعضُه إلى بعض، انتظمتْ صورتُه، وتناسب مساقه، إذ ليس فيه اختلاف تناقض، ولا تهاتر، بل يرجع اختلافه إلى ذكر بعضهم ما سكت عنه غيره، وفضّل بعض ما أجمله غيره" انتهي.
• عن أبي قتادة، قال: قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، كيف بمن يصوم يومين ويفطر يومًا؟ قال: "ويطيق ذلك أحد؟ ". قال: يا رسول الله، كيف بمن يصوم يومًا ويفطر يومًا؟ قال: "ذلك صوم داود". قال: كيف بمن يصوم يومًا ويفطر يومين؟ قال: "وددتُ أنّي طُوِّقْتُ ذلك".
صحيح: رواه مسلم في الصيام (١١٦٢) من طرق عن حماد بن زيد، عن غيلان، عن عبد الله بن معبد الزمّاني، عن أبي قتادة، فذكره في حديث طويل ذكر فيه النهي عن صوم الدّهر.
٣٣ - باب هل يجوز أن يصوم تطوّعًا وعليه قضاء رمضان؟
رُوي عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك رمضان، وعليه من رمضان شيء لم يقضه لم يُتقبّل منه، ومن صام تطوّعًا وعليه من رمضان شيء لم يقضه فإنه لا يتقبّل منه حتى يصومه".
رواه أحمد (٨٦٢١) عن حسن، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا أبو الأسود، عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه الطبراني في "الأوسط" (٣٣٠٨) من طريق، عبد الله بن يوسف، عن ابن لهيعة، بإسناده.
قال الطبراني: "لا يُروى هذا الحديث عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرّد به ابن لهيعة".
قلت: وليس كما قال، بل رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" عن عبد الله بن واقد، ثنا حيوة ابن شريح، عن أبي الأسود، عن ابن رافع، عن أبي هريرة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من كان عليه من رمضان شيء فأدركهـ رمضان ولم يقضه لم يتقبل منه، ومن تطوّع وعليه مكتوبة لم يتقبّل منه".