وروياه عن زهير أبي خيثمة، عن ابن أبي إسحاق، بإسناده وفيه: "كان رجل يقرأ سورة الكهف، وإلى جانبه حصان مربوط بشَطَنَيْنِ، فتغشّته سحابة، فجعلت تدنو وتدنو، وجعل فرسُه يَنْفِر، فلما أصبح أتى النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر ذلك له، فقال: "تلك السكينة تنزّلتْ بالقرآن".
رواه البخاريّ في فضائل القرآن (٥٠١١) عن عمرو بن خالد، ومسلم، عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن زهير أبي خيثمة.
والسكينة قيل: هم الملائكة، وقيل: ما يحصل به السكون وصفاء القلب.
وشطن: هو الحبل الطويل.
٩ - باب أنّ المهرة بالقرآن يكونون مع الملائكة
• عن عائشة، قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الماهرُ بالقرآن مع السّفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، وهو عليه شاق له أجران".
متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٩٣٧)، ومسلم في تقصير الصّلاة (٧٩٨) كلاهما من طريق قتادة، قال: سمعتُ زرارة بن أوفى يحدِّثُ عن سعد بن هشام، عن عائشة، فذكرته، واللّفظ لمسلم.
ولفظ البخاريّ: "مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السّفرة الكرام، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران".
وبوَّب البخاريّ في التوحيد (٥٢) باب قول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الماهر بالقرآن مع الكرام البررة". إلّا أنه لم يخرّج الحديث بهذا اللّفظ، ولا حديث عائشة في هذا الباب.
وقوله: "سَفَرة" قال ابن عباس وعدد من التابعين: هي الملائكة. وقال البخاريّ في تفسير سورة (عبس): "سفرة: الملائكة، واحدهم سافر سفرت أصلحت بينهم، وجُعلت الملائكة إذا نزلت بوحي اللَّه وتأديته كالسَّفير الذي يصلح بين القوم". وقيل غير ذلك، وقال ابن جرير: "الصّحيح أن السّفرة الملائكة، والسّفرة: يعني بين اللَّه وخلقه، ومنه يقال: السّفير الذي يسعى بين الناس في الصلح والخير، كما قال الشّاعرُ:
وما أدعُ السّفارةَ بين قومي ... وما أمشي بغشّ إن مشيتُ".
١٠ - باب مصافحة الملائكة لو داوم الإنسان على الذّكر والفكر في الأمور الآخرة
• عن حنظلة الأسيديّ -قال: وكان من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة! قال: سبحان اللَّه! ما تقول؟ قال: قلت: نكونُ عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُذَكِّرُنا بالنار والجنة حتّى كأنّا رأي عَيْنٍ، فإذا خرَجْنا من عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عافَسْنا الأزواجَ والأولادَ والضَّيْعاتِ،