الزُّبير، عن عبيد بن عميرٍ فذكر مثله.
[٨ - باب ما جاء في نقض المرأة شعرها عند اغتسالها من المحيض]
• عن عائشة قالت: خرجنا موافين لهلال ذي الحجة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من
أحبّ أن يُهلَّ بعمرةٍ فلْيُهْلِلْ؛ فإني لولا أني أهديتُ لأهللتُ بعمرةٍ". فأهلّ بعضُهم بعمرةٍ، وأهلّ بعضُهم بحج، وكنت أنا ممن أهلّ بعمرة، فأدركني يومُ عرفةَ وأنا حائضٌ، فشكوت إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال: "دَعي عمرتَك، وانقُضي رأسَكِ، وامتْشِطي وأهِلِّي بحجّ".
ففعلتُ حتَّى إذا كان ليلةُ الحصْبةِ أرسل معي أخي عبد الرحمن بن أبي بكر فخرجتُ إلى التنعيم فأهللتُ بعمرةٍ مكان عمرتي.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحيض (٣١٧) من طريق أبي أُسامة، ومسلم في الحج (١٢١١: ١١٦) من طريق ابن نُمَير، كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة. واللّفظ للبخاريّ.
وزاد ابن ماجة (٦٤١) بإسنادٍ صحيحٍ، عن وكيع، عن هشام بن عروة به: "واغتسلي".
وبوَّب عليه البخاريّ: "باب نقض المرأةِ شعرها عند غُسل المحيضِ"، وفيه إشارة إلى أنه يرى وجوب نقض الشعر في غُسْلِ المحيض، وبه قال الحسن وطاوس في الحائض دون الجنب.
وقال بوجوب النقض فيهما عبد الله بن عمرو كما في صحيح مسلم، وأنكرت عليه عائشة.
والجمهور على عدم الوجوب؛ لحديث أم سلمة في صحيح مسلم، وفيه: "أفأنقضه للحيضة والجنابة؟ " فقال: "لا"، وحملوا الأمر في حديث عائشة على الاستحباب؛ جمعا بين الحديثين.
ويرى ابن رجب كما في شرحه للبخاريّ - "فتح الباري شرح صحيح البخاريّ" (١/ ٤٧٦) أنه لا دلالة في حديث عائشة على نقض شعرها عند غسلها من المحيض، فإن غسل عائشة الذي أمرها النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - به لم يكن من المحيض، بل كانت حائضًا، وحيضها حينئذ موجود، فإنه لو كان قد انقطع حينها لطافت للعمرة، ولم نحتج إلى هذا السُؤال، ولكن أمرها أن تغتسل في حال حيضها، وتُهل بالحج، فهو غسل للإحرام في حال الحيض، كما أمر أسماء بنت عُميس لما نُفِستْ بذي الحليفة أن تغتسل وتُهل".
وقال: "وقد يُحمل مراد البخاريّ عن وجه صحيح، وهو أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إنّما أمر عائشة بنقض شعرها، وامتشاطها عند الغسل للإحرام، لأنَّ غسل الإحرام لا يتكرر، فلا بشق نقض الشعر فيه، وغسل الحيض والنفاس يوجد فيه هذا المعنى بخلاف غسل الجنابة، فإنه يتكرر، فيشق النقض فيه، فلذلك لم يؤمر فيه بنقض الشعر".