فناداهم فقال:"يا أبا جهل بن هشام، يا أمية بن خلف، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة ابن ربيعة، أليس قد وجدتم ما وعد ربّكم حقًا؟ فإني قد وجدتُ ما وعدني ربي حقًا"، فسمع عمر قول النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! كيف يسمعوا، وأنَّى يُجيبوا وقد جيَّفوا؟ قال النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا" ثم أمر بهم فسُحبوا فأُلقوا في قليب بدرٍ.
صحيح: رواه مسلم في الجنة (٢٨٧٤) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس ابن مالك فذكره.
وأما ما رُوي عن عبد الله بن مسعود قال: وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهل القَليب فقال: يا أهل القَليب! هل وجدتم ما وعد ربكم حقًا؟ فإني قد وجدتُ ما وعدني ربي حقًّا"، قالوا: يا رسول الله هل يسمعون؟ قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، لكنهم اليوم لا يجيبون" فهو ضعيف.
رواه الطبرانيّ في "الكبير" (١٠/ ١٩٨) من طريق أشعث بن سوار، عن أبي إسحاق، عن عمرو ابن ميمون، عن عبد الله فذكره. وأشعث بن سوار الكندي وإن كان رواه مسلم في المتابعات فالأكثر على تضعيفه، ولذا أطلق عليه الحافظ في "التقريب" لفظ "ضعيف" وتناقض في "الفتح" (٧/ ٣٠٣) فقال: "وللطبراني من حديث ابن مسعود مثله بإسناد صحيح".
وقول الحافظ الهيثمي في "المجمع" (٦/ ٩١): "ورجاله رجال الصحيح" صحيح، لأن أشعث ابن سوار من رجال مسلم كما سبق.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عبد الله بن سيدان، عن أبيه، قال: أشرف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على أهل القَليب، فقال: "يا أهل القليب! هل وجدتم ما وعد ربّكم حقًا؟ " فقالوا: يا رسول الله! وهل يسمعون؟ قال: "يسمعون كما تسمعون، ولكن لا يجيبون" رواه الطبراني في "الكبير" (٧/ ١٩٧).
قال الهيثمي في "المجمع" (٦/ ٩١): "وعبد الله بن سِيدَان مجهول".
قلت: وهو كما قال، وقد جهَّله ابن عدي واللالكائي وغيرهما، وقال البخاريّ: "لا يتابع في حديثه". وله الترجمة في "الكامل" و"الميزان" وهو عبد الله بن سِيدان المطرودِي.
[٤ - باب ما جاء من إنكار عائشة على سماع الموتي]
• عن عروة بن الزبير قال: ذكر عند عائشة أن ابن عمر برفع إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن الميت يُعذَّب في قبره ببكاء أهله عليه" فقالت: وَهِل، إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لَيُعذَّب بخطيئته وذنبه، وإن أهله ليكون عليه الآن" وذلك مثل قوله: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على القليب يوم بدر، وفيه قتلي بدر من المشركين فقال لهم ما قال: "إنهم يسمعون ما أقول" وقد وَهِل، إنّما قال: "إنَّهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم