للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإسلام وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يكتب إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والسلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته.

فكتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من محمد النبي رسول الله إلى خالد بن الوليد. سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد فإن كتابك جاءني مع رسولك تخبر أن بني الحارث بن كعب قد أسلموا قبل أن تقاتلهم، وأجابوا إلى ما دعوتهم إليه من الإسلام، وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبد الله ورسوله، وأن قد هداهم الله بهداه، فبشرهم وأنذرهم، وأقبل وليقبل معك وفدهم، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

فأقبل خالد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقبل معه وفد بني الحارث بن كعب منهم قيس بن الحصين ذي الغصة، ويزيد بن عبد المدان، ويزيد بن المحجل، وعبد الله بن قراد الزيادي، وشداد بن عبد الله القناني، وعمرو بن عبد الله الضبابي.

فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرآهم قال: "من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند؟ "، قيل: يا رسول الله! هؤلاء رجال بني الحارث بن كعب، فلما وقفوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلموا عليه وقالوا: نشهد أنك رسول الله، وأنه لا إله إلا الله. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله". ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنتم الذين إذا زجروا استقدموا"، فسكتوا، فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها الثانية فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها الثالثة فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها الرابعة فقال يزيد بن عبد المدان: نعم، يا رسول الله، نحن الذين إذا زجروا استقدموا، قالها أربع مرار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أن خالدا لم يكتب إلي أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا، لألقيت رؤوسكم تحت أقدامكم" فقال يزيد بن عبد المدان: أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالدا، قال: "فمن حمدتم؟ " قالوا: حمدنا الله عز وجل الذي هدانا بك يا رسول الله. قال: "صدقتم". ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بم كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية؟ " قالوا: لم نكن نغلب أحدا؛ قال: "بلى، قد كنتم تغلبون من قاتلكم"، قالوا: كنا نغلب من قاتلنا يا رسول الله، إنا كنا نجتمع ولا نفترق، ولا نبدأ أحدا بظلم، قال: "صدقتم" وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بني الحارث بن كعب قيسَ بن الحصين.

فرجع وفد بني الحارث إلى قومهم في بقية من شوال أو في صدر ذي القعدة فلم يمكثوا بعد أن رجعوا إلى قومهم إلا أربعة أشهر حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورحم وبارك ورضي وأنعم.

السيرة لابن هشام (٢/ ٥٩٢ - ٥٩٤) وذكره البيهقي في الدلائل (٥/ ٤١١ - ٤١٢) بإسناده عن ابن إسحاق.

[٥ - بعث علي بن أبي طالب إلى اليمن]

قالوا: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليا إلى اليمن، وعقد له لواء، وعممه بيده، وقال: "امض ولا تلتفت، فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك"، فخرج في ثلاثمائة فارس، وكانت أول

<<  <  ج: ص:  >  >>