يُقبر الرجلُ بالليل حتى يصلي عليه، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كفَّن أحدكم أخاه فليُحسِن كفَنَه".
صحيح: رواه مسلم في الجنائز (٩٤٣) من طرق عن حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، فذكره.
وقيل في هذا الحديث إن النهي كان لترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة عليه، ولم ينه عن مجرد الدفن بالليل، أو لقلة المصلين، أو لإساءة الكفن، أو عن المجموع، فكل ذلك ممكن.
وأما ما رُوي عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تدفنوا موتاكم بالليل" فهو ضعيف، رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية (٢/ ٤٢٧) وقال: فيه محمد بن عمران بن أبي ليلى قال البخاري: منكر الحديث. انتهي.
٥ - باب من السنة أن يُدْخَل الميت من قبل رجلي القبر
• عن أبي إسحاق قال: أوصى الحارث أن يُصَلِّي عليه عبد الله بن زيد، فصلى عليه، ثم أدخله القبر من قبل رجلي القبر. وقال: "هذا من السنة".
صحيح: رواه أبو داود (٣٢١١) عن عبيدالله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق فذكره.
ورواه البيهقي (٤/ ٥٤) من طريق أبي داود وقال: "هذا إسناد صحيح، وقد قال: هذا من السنة فصار كالمسند، وروينا هذا القول عن ابن عمر وأنس بن مالك". انتهى كلامه.
قلت: وأما أثر أنس بن مالك فهو ما رواه محمد بن سيرين قال: كنت مع أنس في جنازة، فأمر بالميت، فُسُلّ من قبل رجل القبر، رواه الإمام أحمد (٤٠٨١) عن عبد الأعلى، حدثنا خالد، عن محمد بن سيرين فذكره.
قال الهيثمي في "المجمع" (٣/ ٤٣): "رواه أحمد ورجاله ثقات".
قلت: وهو كما قال، خالد هو: ابن مهران الحذاء.
وهذا هو الصحيح بأن الميت بوضع رأسه عند رجل القبر، ثم يُسَلّ سلا، وهو المعروف عن جمهور الصحابة، وهو عمل المهاجرين والأنصار بمكة والمدينة، كذلك رواه الشافعي في الأم، وغيرُه من العلماء عن أهل مكة والمدينة من الصحابة، ومن بعدهم، وهم بأمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم من غيرهم، قاله النووي في "المجموع" (٥/ ٢٩٤).
واستشهد البيهقي بحديث عمران بن موسى بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُلّ من قبل رأسه، وكذلك من حديث ابن عباس مثله.
قال البيهقي: قال الشافعي: أنبأنا بعض أصحابنا عن أبي الزناد وربيعة وأبي النضر: لا