ومنهم من جعل الكراهة إذا كان عمل حسبة للَّه، فليس له أن يأخذ عليه أجرا؛ لأن الأجر مناف للحسبة. وأما إذا لم يحتسب ولم يطلب عليه الأجرة فجائز كما في حديث ابن عباس في الباب السابق.
ومنهم من قال: إذا لا يوجد في المسلمين من يعلم القرآن إلا شخص واحد فعليه أن يعلمهم، ولا يأخذ عليه أجرا؛ لأن تعليمه إياهم صار عليه فرض عين بخلاف إذا كان فيهم غيره، فجاز له أخذ الأجرة.
أما إذا كان هذا الأجر من الحاكم الذي هو الراعي لمصلحة الأمة فلا كراهة في ذلك بالاتفاق؛ لأن تحديد الأجر منه يساعد على إدارة شؤون البلاد، وهذا الذي جرى عليه العمل منذ الخلفاء الراشدين إلى يومنا هذا.
[١٠ - باب يجوز للإمام فسخ المعاهدة مع الكفار إذا اشترط عليهم أنه يقرهم إلى متى شاء وهم قد رضوا بذلك]
• عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز، وأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها. وكانت الأرض حين ظهر عليها للَّه ولرسوله وللمسلمين، فأراد إخراج اليهود منها، فسألت اليهود رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يقرهم بها على أن يكفوا عملها، ولهم نصف الثمر. فقال لهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نقركم بها على ذلك ما شئنا" فقروا بها حتى أجلاهم عمر إلى تيماء، وأريحاء.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحرث والمزارعة (٢٣٣٨) ومسلم في المساقاة (١٥٥١/ ٦) كلاهما من حديث عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، حدثني موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره، ولفظهما سواء.