وفي رواية: "إنّ النّطفة تقعُ في الرَّحِم أربعين ليلة، ثم يتصوّر عليها الملك" قال زهير: حسبته قال: الذي يخلقها: "فيقول: يا ربّ أذكر أو أنثى؟ فيجعله اللَّه ذكرًا أو أنني. ثم يقول: يا ربّ أسوي أو غير سوي، فيجعله اللَّه سويًّا أو غير سوي. ثم يقول: يا ربّ ما رزقه، ما أجلُه، ما خُلُقُه، ثم يجعله اللَّه شقيًّا أو سعيدًا".
صحيح: رواه مسلم في القدر (٢٦٤٥) من حديث عمرو بن الحارث، عن أبي الزّبير المكيّ، أن عامر بن واثلة حدّثه، أنّه سمع عبد اللَّه بن مسعود يقول: "الشّقي من شقي في بطن أمِّه، والسَّعيد من وُعظ بغيره". فأتى رجلًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقال له: حذيفة بن أَسيد الغفاريّ فحدَّثه بذلك من قول ابن مسعود فقال: وكيف يشقى رجل بغير عمل؟ فقال له الرّجلُ: أتعجبُ من ذلك فإنّي سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول (فذكر الحديث).
والرّواية الثانية رواها أيضًا مسلمٌ من وجه آخر عن أبي الطّفيل قال: "دخلتُ على أبي سَريحة حذيفة بن أسيد الغفاريّ، فقال: سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأُذُني هاتين يقول (فذكر الحديث).
قال العلماء: طريق الجمع بين هذه الروايات أن للملك ملازمة ومراعاة لحال النطفة، وأنه يقول: يا رب هذه علقة، هذه مضغة، في أوقاتها، فكل وقت يقول فيه ما صارت إليه بأمر اللَّه تعالى، وهو أعلم سبحانه، ولكلام الملك وتصرفه أوقات، قاله النووي، انظر للتفصيل: شرح النووي لصحيح مسلم.
• عن أنس بن مالك، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ اللَّه عزّ وجلّ وكَّل بالرّحم ملكًا يقول: يا ربّ نطفة، با ربّ عَلَقة، يا ربّ مُضغة، فإذا أراد يقضي خَلْقَه قال الملك: أذكر أم أنثى؟ شقيّ أم سعيد؟ فما الرّزق؟ فما الأجلُ؟ فَيُكْتب في بطن أمِّه".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحيض (٣١٨)، ومسلم في القدر (٢٦٤٦) كلاهما من حديث حماد بن زيد، حدثنا عبيد اللَّه بن أبي بكر، عن أنس بن مالك، فذكر الحديث، ولفظهما قريب.
[١٩ - باب ذكر حملة العرش وعظم خلقهم]
• عن جابر بن عبد اللَّه، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أُذن لي أن أُحدِّث عن مَلَك من ملائكة اللَّه من حملة العرش، إنّ ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرةُ سبعمائة عام".
صحيح: رواه أبو داود (٤٧٢٧) عن أحمد بن حفص بن عبد اللَّه، قال: حدثني أبي، قال: حدثني إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكر الحديث. رجاله ثقات وإسناده صحيح.
وقد صحّحه الذهبيّ في "العلو" (٢١٣).
وقال الحافظ في "الفتح" (٨/ ١١٥): "إسناده على شرط الصّحيح".