الحديث ص (٢٦٧): وإنْ كان الخطيب قد ذكره، ففي كلامه ما يُشعر بأنه اتبع فيه غير أهل الحديث".
وقد تكلمتُ في هذه المسألة بالتفصيل في كتابي "دراسات في الجرح والتعديل"، والطبعة الخامسة، طبعة دار السلام
[٦ - ذكر المتابعات لتقوية الحديث]
لا يلزم من رواية الحديث من وجوه كثيرة أن يحصل من مجموعها أنه حسن، بل إنما تفيد المتابعة إذا كان راويه ضعيفا لسوء حفظه، أو لاختلاطه، أو كان مستورا، أو لتدليسه، إلا إنْ كان المدلّسان من طبقة واحدة، فيُخشى أن يكون شيخُهما واحدًا.
وأكتفي في هذا لبيان مدار الإسناد إلا إذا اختلف في رفعه ووقفه، أو وصله وإرساله، فأترجم أطراف الأسانيد لبيان الراجح منها، وقد أذكره أحيانا لنفي التفرّد إنْ كان راويه ثقة.
والمتابعة على قسمين:
المتابعة التامة: وهي أن تحصل المشاركة للراوي من أول الإسناد، ومثاله ما رواه الشافعي، عن مالك، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين.
قال الحافظ إن الحديث المذكور في جميع المؤطآت عن مالك بهذا الإسناد بلفظ: فإن غم عليكم فاقدروا له، فأشار البيهقي إلى أن الشافعي تفرد بهذا اللفظ عن مالك فنظرنا فإذا البخاري قد روى الحديث في صحيحه (١٩٠٧) فقال: حدثنا عبد اللَّه بن مسلمة القعنبي، ثنا مالك بإسناده فساقه بالذي ذكره الشافعي سواء.
فهذه متابعة تامة في غاية الصحة.
والمتابعة القاصرة: وهي أن تحصل المشاركة للراوي في أثناء الإسناد، ومثاله ما أخرجه مسلم في صحيحه (١٠٨٠) من طريق أبي أسامة، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر فذكر الحديث، وفي آخره: فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين.
وأخرجه ابن خزيمة (١٩٠٩) من طريق عاصم بن محمد بن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر بلفظ: فإن غمَّ عليكم فكمّلوا ثلاثين. فهذه متابعة ناقصة.