قلت: القاسم بن يزيد الجرمي الموصلي الزاهد وثَّقه أبو حاتم وابن حبان، فلا يضر تفرده، ولعل من عمر أخذ ابنه عبد الله.
والمراد بالسنة هنا مطلق التأسي بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا أنه من مستحبات الحج، ونزول الخلفاء بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا المكان هو للسبب نفسه الذي ذكرته عائشة رضي الله عنها.
١٣٩ - باب الإدلاج من المحصّب
• عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، قالت: ادَّلج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة النّفر من البطحاء ادِّلاجًا.
صحيح: رواه ابن ماجه (٣٠٦٨)، والإمام أحمد (٢٤٤٩٣) كلاهما عن عمار بن رزيق، عن سليمان الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، فذكرته. واللفظ لابن ماجه. ولفظ أحمد نحوه.
وصحّحه ابن خزيمة (٢٩٩٧) فرواه من وجه آخر عن إبراهيم، قال: قال الأسود، قالت عائشة: "لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُدَّلجًا من الأبطح، وهو يصعد وأنا أنزل أو ينزل وأنا أصعد".
وقوله: ادّلاجًا -بتشديد الدال، وهو السير في آخر الليل سحرًا، وهو المراد هنا. وقيل: بسكون الدال- وهو السير في أول الليل. وكلاهما صحيح، فإن كان الأول فالمراد به سير النبي - صلى الله عليه وسلم - من البطحاء إلى بيت الله الحرام لأداء طواف الوداع، وإن كان الثاني فالمراد به سير عائشة في أول الليل مع أخيها للاعتمار من التنعيم.
وبوّب البخاريّ كما بوّبتُ، والظاهر أنه يقصد به التشديد على الدال لبيان ارتحال النبيّ صلى الله عليه وسلم في آخر الليل، وأخرج حديثين من طريق عائشة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة في قصة حيضة صفية، فلما قيل له إنها طافت طواف الإفاضة. قال: "فانفري". (١٧٧١، ١٧٧٢).
١٤٠ - باب ما يقال إذا رجع من الحجّ أو العمرة
• عن عبد الله بن عمر، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قفل من غزو أو حجٍّ أو عمرة، يكبِّر على كلِّ شرف من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربِّنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده".
متفق عليه: رواه مالك في الحج (٢٤٣) عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
ورواه البخاريّ في الحجّ (١٧٩٧)، ومسلم في الحج (١٣٤٤) كلاهما من طريق مالك، به. ولفظ البخاريّ مثله.
وأما مسلم فساقه بلفظ عبيد الله بن عمر، عن نافع، به، قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قفل من الجيوش أو السّرايا أو الحجّ أو العمرة إذا أوفي على ثنية أو فدفدٍ كبَّر ثلاثًا. ثم قال (فذكره بمثل