وهذا الذي رجحه شيخ الإسلام ابن باز -رحمه الله تعالى- في فتاواه.
[٥ - باب من زار قبر الكافر فلا يدعو له، بل يبشره بالنار]
• عن عامر بن سعد، عن أبيه أن أعرابيًا، أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أين أبي؟ فقال: "في النار" قال: فأين أبوك؟ قال: "حيث ما مررت بقبر كافر فبشره بالنار".
وفي رواية: فأسلم الأعرابي وقال: لقد كلَّفني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - تعبًا ما مررتُ بقبر كافر إلا بشرته بالنار.
صحيح: رواه البزار "كشف الأستار" (٩٣)، والطبرانيّ في "الكبير" (١/ ١٤٥)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (٥٩٥) كلهم من طرق عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عامر بن سعد فذكره.
واللفظ للبزار، والزيادة من الرواية الثانية عند ابن السني، قال الهيثمي في "المجمع" (١١٧ - ١١٨): ورجاله رجال الصّحيح". وصحّحه الضّياء في "المختارة" (١٠٠٥).
• عن عبد الله بن عمر قال: جاء أعرابيٌّ إلى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنّ أبي كان يصلُ الرَّحم، وكان وكان، فأين هو؟ قال: "في النار". قال: فكأنّه وجد من ذلك، فقال: يا رسول الله! ، فأين أبوك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حيثما مررتَ بقبر مشرك فبشِّرْه بالنّار"، قال: فأسلم الأعرابيُّ بعد، وقال: لقد كلّفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعبًا، ما مررتُ بقبر كافر إلّا بشّرتُه بالنّار".
صحيح: رواه ابن ماجه (١٥٧٣) عن محمد بن إسماعيل بن البختريّ الواسطيّ، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، عن إبراهيم بن سعد، عن الزّهريّ، عن سالم، عن أبيه، فذكره. وإسناده صحيح، وقد صحّحه أيضًا البوصيريّ في "الزوائد" وقال: "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، محمد بن إسماعيل وثقه ابن حبان والدارقطني والذهبي، وباقي رجال الإسناد على شرط الشيخين".
فالذي يظهر كأنّ الزهريّ يروي هذا الحديث بإسنادين وعن صاحبين وكلاهما صحيح، ولا يحتاج إلى تخطئة أحدهما.
وفي معناه ما رُوي عن أبي هريرة، عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا مررتُم بقبورنا وقبوركم من أهل الجاهلية، فأخبروهم أنهم من أهل النار".
رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (٥٩٤)، وابن حبان في صحيحه (٨٤٧) كلاهما عن الحارث ابن سُريج، ثنا يحيى بن يمان، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكر الحديث.
ويحيى بن يمان مختلف فيه غير أنه يحسن حديثه في الشواهد إذا لم يأت بشيء منكر. ولكن آفته الحارث بن سريج النّقّال ذكره الذهبيّ في "الميزان" (١/ ٤٣٣)، ونقل تضعيفه عن عدد من أهل العلم، قال ابن عدي: "ضعيف يسرق الحديث".