الله ثابت في كتاب الله. فقوله: {أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} أي نحن المنبتون.
أما ما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقولن أحدكم: زرعت ولكن ليقل: حرثت" قال أبو هريرة: ألم تسمع إلى قول الله تبارك وتعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} ففيه نكارة.
رواه البزار (١٠٠٦٤) وابن حبان (٥٧٢٣) والبيهقي في الكبرى (٦/ ١٣٨) كلهم من طريق مسلم بن أبي مسلم الجرمي، قال: حدثنا مخلد بن حسين، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: فذكره.
وفي الإسناد مسلم بن أبي مسلم الجرمي، توفي سنة ٢٤٠ هـ، ولم أجد توثيقه عند أحد من الأئمة المتقدمين، وإنما ذكره ابن حبان في الثقات على قاعدته، وقال: "ربما أخطأ"، وكذلك وثَّقه الخطيب في تاريخه، ولكنه لم يعز توثيقه إلى أحد من الأئمة السابقين.
والحديث في متنه نكارة، فقد جاء نسبة الزرع إلى غير الله في نصوص كثيرة، قال تعالى في قصة يوسف - عليه السلام -: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا} [يوسف: ٤٧].
• عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة".
متفق عليه: رواه البخاري في الحرث والمزارعة (٢٣٢٠) ومسلم في المساقاة (١٥٥٣) كلاهما من طريق أبي عوانة، عن قتادة، عن أنس، قال: فذكره.
قال الحافظ ابن حجر: "فيه جواز نسبة الزرع إلى الآدمي، وقد ورد في المنع منه حديث غير قوي" وذكر حديث أبي هريرة المذكور.
٨ - باب قوله: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (٧٣)}
قوله: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً} أي: أنها تذكر بالنار الكبرى، وقد جاء في الصحيح.
• عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم" فقالوا: يا رسول الله! إن كانت لكافية. قال: "إنها فُضِّلت عليها بتسعة وستين جزءا".
متفق عليه: رواه مالك في كتاب جهنم (١) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه البخاري في بدء الخلق (٣٢٦٥) من طريق مالك به نحوه.
ورواه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٤٣) من وجه آخر عن أبي الزناد به نحوه، وزاد في آخره: "كلها مثل حرِّها".
وقوله: {وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ} أي منفعة. {لِلْمُقْوِينَ} المسافرين، والمعنى: أنه ينتفع بها أهل البوادي