يفتحُ عبدٌ بابَ مسألةٍ إلا فتح اللَّهُ له بابَ فقرٍ.
وأما الذي أحدثكم حديثا فاحفظوه فإنه قال: إنما الدنيا لأربعة نفر:
عبدٌ رزقه اللَّه عز وجل مالا وعلمًا، فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم للَّه عز وجل فيه حقه، قال: فهذا بأفضل المنازل.
قال: وعبدٌ رزقه اللَّه عز وجل علما ولم يرزقه مالا، قال: فهو يقول: لو كان لي مالٌ عملت بعمل فلان، قال: فأجرهما سواء.
قال: وعبدٌ رزقه اللَّه مالا ولم يرزقه علما، فهو يخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه عز وجل، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم للَّه فيه حقه، فهذا بأخبث المنازل.
قال: وعبدٌ لم يرزقه اللَّه مالا ولا علما فهو يقول: لو كان لي مال لعملت بعمل فلان قال: هي نيته فوزرهما فيه سواء".
حسن: رواه الترمذيّ (٢٣٢٥)، وأحمد (١٨٠٣١) - واللفظ له، كلاهما من طريق عبادة بن مسلم، حدثني يونس بن خباب، عن سعيد أبي البختري الطائي، عن أبي كبشة الأنماري، فذكره.
قال الترمذيّ: "هذا حديث حسن صحيح".
وهو كما قال، فإن إسناده حسن من أجل يونس بن خباب، ولا يضره تشيعه لأنه ليس فيه ما يؤيد مذهبه.
[١٤ - باب الترهيب من اختيار الرهبانية وترك الدنيا]
قال اللَّه تعالى: {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [سورة الحديد: ٢٧].
• عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يسألون عن عبادة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قد غفر اللَّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر. قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدًا. وقال آخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا. فجاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما واللَّه إني لأخشاكم للَّه وأتقاكم له، لكني أصوم وأُفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
متفق عليه: رواه البخاريّ في النكاح (٥٠٦٣) من طريق حميد بن أبي حُميد الطويل أنه سمع أنس بن مالك يقول: (فذكره). واللفظ له.