١٩ - باب قوله: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤)}
قوله: {وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ} أي أعطيناكم، وأنعمنا به عليكم من المال والخدم.
وقوله: {وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} أي في الدنيا. وقد جاء في الصحيح:
• عن أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يقول العبد: مالي مالي، إنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فأمضى، وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس".
صحيح: رواه مسلم في الزهد (٢٩٥٩) عن سويد بن سعيد، حدثني حفص بن ميسرة، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.
٢٠ - باب قوله: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (١٠٤) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١٠٥)}
قوله: {بَصَائِرُ} هي البينات والحجج التي اشتمل عليها القرآن.
وقوله: {دَرَسْتَ} بسكون السين، من الدرس وهو العلم. يعني يا محمد! أنت تعلمت من أهل الكتاب.
وروي عن ابن عباس أنه قرأ: {وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} وهي قراءة متواترة، ومعناها: دارست أهل الكتاب، وقرأت الكتب وتعلمتها.
كما قال المشركون من قبل أنّ بشرا يُعلّم محمدًا. وقد أخبر اللَّه عن مقالتهم {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [سورة النحل: ١٠٣].
يعني لما قال المشركون إن هذا العلم الذي عند محمد يأتيه من العجم من الفرس، ردَّ اللَّه تعالى عليهم بقوله: {وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} وكذلك يرد اللَّه على هؤلاء بقوله: {وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أي أن هذا العلم ليس من أهل الكتاب، ولا من العجم، وإنما وحيٌ من عند اللَّه، نوضّح ذلك لقوم من أهل الكتاب خاصة، ولغيرهم عامة.
٢١ - باب قوله: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٠٨)}
نهى اللَّه رسوله والمؤمنين عن سب آلهة المشركين مع أنها شجر وحجر، لا قيمة لها، ولكن فيه