وسئل أيضًا عن الطائفة التي ورد في الحديث أنها "لا تزالُ منصورةً لا يضرُّها مَنْ خَذَلَها حتى تقومَ الساعةُ".
فقال: إن لم تكن أهل الحديث فلا أدري من هي؟ .
وكان الشافعي يقول: إذا رأيتُ أصحاب الحديث فكأنّي رأيتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
لأن سنته المباركة هي المفتاح لكتاب اللَّه الحكيم، وبها قامت دعائم الإسلام.
لا يُقدم قولُ أحدٍ على قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-
قال اللَّه تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفتح: ٨ - ٩].
أمرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى المؤمنين أن يعزّروا الرسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم-، والتعزير هو: النصرة مع التعظيم، وأن يوقّروه من التوقير، وهو: الاحترام والإجلال والإعظام.
وفسَّرَ ابن عباس قوله تعالى في سورة الحجرات {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات: ١] لا تقولوا خلاف الكتاب والسنّة.
وقوله: "السنة" المراد بها الآن هي السنة الصحيحة، فإن كل حديث صحيح أصل برأسه، معتبر بحكمه في نفسه.
وقد نصَّ العلماء كافة من المحدثين والفقهاء والأصوليين وغيرهم في جميع الأعصار والأمصار على أنه إذا صحَّ قول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يجب المصيرُ إليه، كان الشافعي بالعراق يقول لأحمد بن حنبل: "اعلموني بالحديث الصحيح أصير إليه"، وفي رواية: "إذا صحَّ الحديثُ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقولوا حتى أذهب إليه" يعني إذا صحَّ الحديث فلا يُقدّم عليه قولُ غيره كائنا مَنْ كان، وذلك من أعظم تعزيره وتوقيره.
[ذكر الأئمة الذين قاموا بتجريد الأحاديث الصحيحة]
١ - الإمام البخاري (ت ٢٥٦ هـ) أول من قام بتجريد الصحيح من الجوامع، والموطآت، والمصنفات، والمسانيد، والأجزاء وغيرها التي كانتْ شاملةً الصحيحَ والضعيفَ بجميع أنواع الضعف مثل المرسل والمنقطع والمعضل والمدرج والمقلوب والشاذ، علاوةً على فتاوى الصحابة والتابعين ومن بعدهم، هو: أمير