[١١٤ - تفسير سورة الناس وهي مدنية، وعدد آياتها ٦]
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلَهِ النَّاسِ (٣) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)}
فيه ذكر ثلاث من صفات الله عز وجل، وهي: الربوبية، والملك، والألوهية. فهو رب كل شيء ومليكه، والمتفرد بألوهيته، فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات من شر الوسواس الخناس الذي هو الشيطان الموكل بالإنسان.
والخناس: الشديد الخنس، والخنس والخنوس: الاختفاء، وهو لقب الشيطان، لأنه يوسوس في النفوس والعقول بدون أن يظهر. فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله قرين يزين له الفواحش، والمعصوم من عصمه الله، كما جاء في الصحيح.
• عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن" قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: "وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير".
صحيح: رواه مسلم في صفة القيامة (٢٨١٤) من طرق عن جرير، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، قال: فذكره.
• عن عاصم قال: سمعت أبا تميمة، يحدث عن رديف النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: عثر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - حماره، فقلت: تعس الشيطان، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقل: تعس الشيطان، فإنك إذا قلت: تعس الشيطان، تعاظم، وقال: بقوتي صرعته، وإذا قلت: بسم الله، تصاغر حتى يصير مثل الذباب".
صحيح: رواه أحمد (٢٠٥٩٢) عن محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عاصم، فذكره.
وإسناده صحيح، والكلام عليه مبسوط في موضع آخر.
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: "تفرد به أحمد، إسناده جيد قوي، وفيه دلالة على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغُلِب، وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب".
قوله: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)} الجنة اسم جمع جني، والمراد منه نوع الجن.
والقول الأظهر أن هذه الآية تفسير لقوله: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥)} فهم من