صحيح: رواه مسلم في صلاة المسافرين (٦٩١) عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره، عن غُندَر (وهو محمد بن جعفر) عن شعبة، عن يحيى بن يزيد الهُنَائي فذكره، وهو في "المصنف"(٢/ ٣٣٢ تحقيق اللحام).
ورواه الإمام أحمد (١٢٣١٣) عن محمد بن جعفر به وقال في أول الحديث: سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة، قال: كنتُ أخرج إلى الكوفة، فأصلي ركعتين حتى أرجع. وقال أنس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره.
ورواه أبو داود (١٢٠١) نحو لفظ مسلم، ورواه البيهقي (٣/ ١٤٦) عن أبي داود والحاكم من طريق محمد بن جعفر به وفيه يقول يحيى بن يزيد الهُنَائي: وكنت أخرج إلى الكوفة فأصلي ركعتين حتى أرجع. فقال أنس: فذكره. فظهر منه أن الذي يخرج هو يحيى بن يزيد الهُنَائي.
قوله:"إذا خرج مسيرة ثلاثة أميالٍ، أو مسيرة ثلاثة فراسخَ".
معناه: بداية القصر للمسافرِ، لا غاية السفرِ، وإلى هذا أشار القرطبي - رحمه الله - في المفهم (٢/ ٣٣٢).
ونقل الحافظ في "الفتح"(٢/ ٥٦٧) عن النووي: أن أهل الظاهر ذهبوا إلى أن أقل مسافة القصر ثلاثة أميال. وكأنهم احتجوا في ذلك بما رواه مسلم وأبو داود من حديث أنس ... وقال الحافظ:"وهو أصح حديث ورد في بيان ذلك وأصرحُهُ. وقد حمله من خالفه على أنَّ المراد به المسافة التي يبتدأ منها القصر، لا غاية السفر، ولا يخفى بعد هذا الحمل، مع أن البيهقي ذكر في روايته من هذا الوجه أن يحيى بن يزيد راويه عن أنس قال: سألت أنسًا عن قصر الصلاة، وكنت أخرج إلى الكوفة - يعني من البصرة - فأصلي ركعتين ركعتين حتى أرجع فقال أنس: فذكر الحديث، فظهر أنه سأله عن جواز القصر في السفر، لا عن الموضع الذي يبدأ القصر منه" انتهى.
ولكن الظاهر أن المسافة المقدرة في حديث أنس هي بداية القصر.
وأما تحديد مسافة السفر فالصحيح ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية، ورجحه تلميذه الحافظ ابن القيم قائلًا: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحدَّ لأمته مسافةً محدودةً للقصر والفطر. بل أطلق لهم ذلك في مطلق السفر والضرب في الأرض، كما أطلق لهم التيمم في كل سفر، وأما ما يُروى عنه من التحديد باليوم، أو اليومين، أو الثلاثة، فلم يصح عنه منها شيء البتة" انتهى. انظر: "زاد المعاد" (١/ ٤٨١).
وأما كلام الفقهاء في تحديد مسافة القصر فانظره في "المنة الكبرى" (٢/ ١٣١).
٥ - باب كم يقيم مقصِّرًا
• عن أنس يقول: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة، فكان يُصلي ركعتين