ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة. قلت: كم أقام بمكة؟ قال: عشرًا.
متفق عليه: رواه البخاري في تقصير الصلاة (١٠٨١)، ومسلم في صلاة المسافرين (٦٩٣) كلاهما من حديث يحيى بن أبي إسحاق، قال سمعتُ أنسًا يقول: فذكره.
وفي رواية عند مسلم يقول: خرجنا من المدينة إلى الحج، ثم ذكر مثله.
فأنس يشير إلى قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، لأنه دخل مكة صبح رابعة من ذي الحجة، وهو يوم الأحد، وبات بالمحصب ليلة الأربعاء. وفي تلك الليلة أعمرت عائشة من التنعيم، ثم طاف - عليه السلام - طواف الوداع سحرًا قبل صلاة الصبح من يوم الأربعاء، وخرج صبيحته، وهو الرابع عشر. قاله المندري. انظر "نصب الراية" (٢/ ١٨٤) وحديث ابن عباس الآتي يختص بفتح مكة.
• عن ابن عباس قال: أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - تسعة عشر يَقْصُر، فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا، وإن زدنا أتممنا.
صحيح: رواه البخاري في تقصير الصلاة (١٠٨٠) من طريق أبي عوانة عن عاصم وحُصَين، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
ورواه أبو داود وغيره وفيه "سبع عشرة".
قال البيهقي (٣/ ١٥١): "اختلفت هذه الروايات في "تسع عشرة" و"سبع عشرة" وأصحهما عندي رواية من روى "تسع عشرة" وهي الرواية التي أودعها محمد بن إسماعيل البخاري في الجامع الصحيح. فأخذ من رواها، ولم يختلف عليه على عبد الله بن المبارك، وهو أحفظ من رواه عن عاصم الأحول" انتهى.
وهو يشير إلى ما رواه البخاري في المغازي (٤٢٩٨) عن عبدان، عن عبد الله (ابن المبارك) أخبرنا عاصم، عن عكرمة، عن ابن عباس أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة تسعة عشر يومًا يصلِّي ركعتين. انتهى.
قلت: وتابعه أبو عوانة كما تراه وأبو شهاب، البخاري (٤٢٩٩) كلاهما عن عاصم مثل رواية عبد الله بن المبارك.
انظر: لمزيد من التفصيل: "المنة الكبرى" (٢/ ١٣٨).
وقول ابن عباس: "وإن زدنا أتممنا" هو مذهبه، وإلا فقد ثبت عن غير واحِدٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين أنَّهم كانوا يقصرون الصلاة بدون تحديد المدة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وتُقصر الصلاة في كل ما يسمى سفرًا، سواء قلَّ أو كثر. ولا يتقدر بمدَّة. وهو مذهب الظاهرية، ونصره صاحب المغني فيه، وسواء كان مباحًا أو محرَّمًا. ونصره ابن عقيل في موضع، وقال بعض المتأخرين من أصحاب أحمد والشافعي: وسواء نوى إقامة أكثر من أربعة أيام أولا، وروي هذا عن جماعة من الصحابة". "الاختبارات الفقهية لشيخ الإسلام" (ص ٦٩).
قلت: أقام أنس بن مالك بالشام شهرين يصلِّي ركعتين.