للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وليس هذا تقديمها لها على كتاب اللَّه، بل امتثال لما أمر اللَّه به من طاعة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- (١) " اهـ.

فأوجب علينا أن نتبع أوامره، ونجتنب نواهيه فقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [سورة الحشر: ٧].

كتابة الحديث في القرن الأول بعد إذن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-

لقد أذنَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بكتابة الحديث لما أمن من اختلاط القرآن بغيره، وقد ثبت أن أكثر من خمسين صحابيا كتبوا الحديث، منهم من كتب في حياة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثل: عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وكان يعتزّ بالصحيفة التي كتبها عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ويُسَمِّيهَا (الصَّادِقَة)، قال عبد اللَّه بن عمرو لمجاهد: "هذه الصادقة، فيها ما سمعتُه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليس بيني وبينه أحدٌ" (٢).

وكان لأنس بن مالك صحيفة كان يُبْرزُها إذا اجتمعَ الناسُ (٣).

وكذلك ثبتَ عن عليّ بن أبي طالب، وعمرو بن حزم وغيرهم أنهم كتبوا الحديثَ، ومنهم من كتب بعد وفاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعن هؤلاء الصحابة كتب التابعون مثل همام بن منبه، وبشير بن نهيك عن أبي هريرة، ووهب بن منبه عن جابر بن عبد اللَّه، وسعيد بن جبير عن ابن عباس، ونافع عن ابن عمر، وغيرهم وهم مئات.

وكان أنس بن مالك يقول لبنيه: يا بُنَيّ قيِّدوا هذا العلم.

[كتابة الحديث في القرن الثاني]

قبل أن ينقضي عصرُ الصحابةِ أمرَ أميرُ المؤمنين عمرُ بنُ عبد العزيز والي المدينة (ت ١٠١ هـ) أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (ت ١١٧ هـ) بجمع الأحاديث، وقال له: اكتب إليَّ بما ثبت عندك من الحديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبحديث عمرة بنت عبد الرحمن، فإني خشيتُ دروس العلم وذهابه.

وكذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى أهل المدينة: أن انظروا حديث رسول اللَّه


(١) إعلام الموقعين (٢/ ٣٠٧).
(٢) تقييد العلم (ص ٨٤).
(٣) تقييد العلم (ص ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>