-صلى اللَّه عليه وسلم- فاكتبوه، فإني قد خفت دروس العلم وذهاب أهله.
وكذلك أمر الزهري وهو محدث المدينة (ت ١٢٤ هـ): انظرْ ما كان من حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فاكتبْه، فإني خفت دروس العلم، وذهاب العلماء.
يقول أبو الزناد: كنا نطوف مع الزهري على العلماء، ومعه الألواح والصحف، يكتب كل ما سمع.
وكان أبو قلابة (ت ١٠٤ هـ) يقول: الكتاب أحبّ إلي من النسيان.
وكان قتادة بن دعامة البصري (ت ١١٧ هـ) يحث على كتابة الحديث، ويستدل بقوله تعالى: {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: ٥٢].
وقال أبو المليح بن أسامة بن عمير (ت ١٠٨ هـ) يقول: يعيبون علينا، وقد قال اللَّه تعالى: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ}.
هذه الآثار ذكرها الدارمي في مقدمة سننه.
وما أن طلع القرن الثاني إلا انتشر الكُتّاب والمؤلفون في الديار الإسلامية ومن هؤلاء:
١ - مجاهد بن جبر (ت ١٠٢ هـ) بمكة عنده دفاتر عن تفسير القرآن.
٢ - قتادة بن دعامة البصري (ت ١١٧ هـ) بالبصرة.
٣ - أبو عبد اللَّه مكحول (ت ١١٨ هـ) بالشام، كان عنده كتاب فيه أحاديث السنن.
٤ - وهب بن منبه (ت ١١٤ هـ) باليمن.
٥ - عبد الملك بن جريج (١٥٠ هـ) بمكة.
٦ - معمر بن راشد (ت ١٥٣) باليمن.
٧ - محمد بن إسحاق (ت ١٥٣) بالمدينة.
٨ - سعيد بن أبي عروبة (ت ١٥٦ هـ) بالبصرة.
٩ - محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب (ت ١٥٧ هـ) بالمدينة. أَلَّفَ كتابًا سمَّاه "السنن"، وكذلك ألَّف "الموطأ"، وكان أكبر من موطأ مالك حتى قيل لمالك: ما الفائدة من تصنيفك؟ فقال: "مَا كانَ للَّهِ بَقِيَ". قال الدارقطني: "كان ابن أبي ذئب صنَّفَ "موطأ" فلمْ يُخْرِجْ". أي للناس، فضاعَ كتابُه في وقتٍ مبكّرٍ، وبقيتِ