قوله:"وبمكة أخرى" قال الحافظ ابن حجر: هذا قد يوهم أنه لم يحج قبل الهجرة إلا واحدة، وليس كذلك بل حج قبل أن يهاجر مرارًا.
• عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حج بنسائه قال:"إنما هذه الحجة، ثم الزمن ظهور الحصر".
حسن: رواه الإمام أحمد (٩٧٦٥)، وأبو يعلى (٧١٥٨)، والطيالسي (١٧٥٢)، والبيهقيّ (٥/ ٢٢٨) كلّهم من طريق ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، فذكره.
وزاد الأخيران:"فكن يحججن إلّا سودة بنت زمعة، وزينب بنت جحش، فإنهما كانتا تقولان: واللهِ لا تُحركُنا دابةٌ بعد أن سمعنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
وأمّا معنى الحديث فكما قال البيهقيّ:"في حجّ عائشة وغيرها من أمهات المؤمنين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دلالة على أنّ المراد من هذا الخبر وجوب الحجّ عليهن مرّة واحدة كما بيّن وجوبه على الرجال مرة لا المنع من الزيادة عليه".
وقوله:"الحصر" بضمة وسكون الصاد تخفيفًا، جمع حصير يُبسط في البيوت، وفيه إشارة إلى لزوم البيت وترك الحجّ النّفل بعد أن تيسّر لهن الحجّ مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، لا النهي عن الحج كليًّا تطوّعًا بعد أداء الفريضة، وقد صح من فعل أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنهن حججن بعده - صلى الله عليه وسلم -.
[٢ - خطبة عظيمة في حجة الوداع]
• عن جابر بن عبد الله قال في قصة حجة الوداع: فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنَزَل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس، وقال:"إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعًا في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ " قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة - يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس -