قلت: امرأة يتيمة هي صمية -بالتصغير- الليثية وقيل: الدارية، وكانت يتيمة في حجر عائشة. فدار الحديث بين أن يكون الحديث من مسند صميتة، وبين صفية بنت أبي عبيد. والثانية هي زوجة عبد اللَّه بن عمر، والغالب أنها لم ترو عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما تروي عن أزواجه مثل عائشة وحفصة وغيرهما.
وقد أكَّد أكثر أهل العلم أنّها لم تدرك النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو أدركته ولكنها لم تسمع منه.
• عن سبيعة بنت الحارث الأسلميّة، أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمتْ؛ لأنّه لا يموتُ بها أحدٌ إلّا كنتُ له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة".
حسن: رواه الطبرانيّ في الكبير (٢٤/ ٢٩٤)، وأبو يعلى كما في المطالب العالية (٢/ ٦٧)، وأبو نعيم في الصحابة (٦/ ٣٣٤٩) كلّهم من طريق عبد العزيز بن محمد الدّراورديّ، عن أسامة بن زيد، عن عبد اللَّه بن عكرمة، عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر بن الخطّاب، عن أبيه، عن سُبيعة الأسلميّة، فذكرته.
ورجاله ثقات خلا عبد اللَّه بن عكرمة. قال الهيثميّ في "المجمع" (٣/ ٣٠٦):
"رواه الطبرانيّ في الكبير، ورجاله رجال الصحيح خلا عبد اللَّه بن عكرمة، وقد ذكره ابن أبي حاتم، وروى عنه جماعة، ولم يتكلّم فيه أحدٌ بسوء".
٩ - باب شفاعة النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لمن صبر على لأواء المدينة
• عن ابن عمر قال: سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا يصبرْ على لأوائها وشدّتها أحدٌ إلا كنتُ له شفيعًا، أو شهيدًا يوم القيامة".
صحيح: رواه مالك في كتاب الجامع (٣) عن قطن بن وهب بن عُمير بن الأجدع، أن يُحَنَّس مولى الزّبير بن العوّام أخبره، أنّه كان جالسًا عند عبد اللَّه بن عمر في الفتنة، فأنَتْه مولاةً له تُسلم عليه، فقالت: إنّي أردت الخروجَ يا أبا عبد الرحمن اشتدّ علينا الزّمان. فقال لها عبد اللَّه بن عمر: اقعدي لَكِاع فإنّي سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول (فذكر الحديث).
ورواه مسلم في الحجّ (١٣٧٧) عن يحيى بن يحيى قال: قرأتُ على مالك، فذكره.
وقوله: "لأوائها" شدائد المقام فيها.
وقوله: "شهيدًا" أي مزكيًّا لعمله إذا كان عملُه خيرًا.
• عن أبي سعيد الخدريّ يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا يصبر أحدٌ على لأوائها فيموت إلّا كنتُ له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة إذا كان مسلمًا".
صحيح: رواه مسلم في الحجّ (١٣٧٤: ٤٧٧) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا ليث، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي سعيد مولى المهْريّ أنّه جاء أبا سعيد الخدريّ ليالي الحرّة فاستشاره في الجلاء من المدينة، وشكا إليه أسعارَها وكثرةَ عياله، وأخبره أن لا صَبْرَ له على جَهْد المدينة ولَأوائها.