قال: كان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي في السفر على راحلته، حيث توجهتْ به يومئُ إيماء صلاةَ الليل إِلَّا الفرائض، ويُوتر على راحلته.
وقوله: "يوتر على راحلته" دليل للجمهور على أن الوتر ليس بواجب ولذا جاز أداؤه على الراحلة.
قال الطحاويّ: "ذُكر عن الكوفين أن الوتر لا يُصلَّى على الراحلة، وهو خلاف السنة الثابتة واستدل بعضهم برواية مجاهد أنه رأي ابن عمر نزل فأوتر. وليس ذلك بمعارض لكونه أوتر على الراحلة؛ لأنه لا نزاع أن الصّلاة على الأرض أفضل. وروى عبد الرزّاق من وجه آخر أن ابن عمر كان يوتر على راحلته. وربما نزل فأوتر" انتهى. انظر: "الفتح" (٢/ ٤٨٨، ٤٨٩).
قلت: وعليه يُحمَل حديث جابر بن عبد الله مع ضعف فيه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي في السفر حيث توجهتْ به راحلتُه، فإذا أراد المكتوبة أو الوتر أناخ فصلَّى بالأرض. رواه ابن خزيمة (١٢٦٣) عن يعقوب الدورقيّ، نا محمد بن مصعب، نا الأوزاعيّ، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر بن عبد الله فذكره.
وإسناده ضعيف: محمد بن مصعب القُرقُسائي - بقافين قال فيه النسائيّ: ضعيف، وقال الخطيب: كان كثير الغلط لتحديثه من حفظه، وقال ابن حبَّان: ساء حفظه، وعلى صحة إسناده يقال فيه: من الجائز أن بنيخ راحلته فيوتر على الأرض، فإن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فعل الفعلين، وهذا من الاختلاف المباح مع أن أخبار ابن عمر في وتر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على الراحلة أكثر أسانيد وأثبت وأصح من خبر جابر كما قال ابن خزيمة.
وفي معناه ما رُوي عن ابن عباس أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر على راحلته، رواه ابن ماجة (١٢٠١) عن محمد بن يزيد الأَسْفاطيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو داود، قال: حَدَّثَنَا عبَّاد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وفيه عبَّاد بن منصور أكثر الأئمة على تضعيفه مع اتهامه بالتدليس.
٣ - باب إيقاظ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَهُ للوتر
• عن عائشة قالت: كان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي وأنا راقدةٌ معترضةً على فراشه، فإذا أراد أن يُوتر أَيقظني فأَوترتُ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الوتر (٩٩٧) عن مسدد، قال: حَدَّثَنَا يحيى، قال: حَدَّثَنَا هشام، قال: حَدَّثَنِي أبيّ، عن عائشة فذكرته.
ورواه مسلم في المسافرين (٧٤٤) من وجه آخر عن تميم بن سلمة، عن عروة بن الزُّبير، عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي من الليل، فإذا أوتر قال: "قومي فأوتري يا عائشة".
وفي رواية من وجه آخر من حديث القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُصلِّي