للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جبريل مغشيًّا عليه كأنه حِلْس، فعرفت فضل خشيته على خشيتي فأوحي إلي: نبيًّا مَلِكًا أو نبيًّا عبدًا؟ أو إلى الجنة؟ ما أنت؟ فأومأ إلي جبريل وهو مضطجع أن تواضعْ قال: قلت: "لا، بل نبيًّا عبدًا".

ومحمد بن عمير بن عطارد ليس له صحبة فالصحيح أنه مرسل، وقيل: بزيادة "عن أبيه" وهو لا يصح، ثم لا يوجد من الصحابة من اسمه عمير بن عطارد.

٥٣ - باب ما جاء في رؤية المؤمنين ربّهم يوم القيامة دون الكفّار

قال اللَّه تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [سورة القيامة: ٢٢ - ٢٣].

وقال تعالى عن الكفّار: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [المطّففين: ١٥ - ١٧]. أي: الكفّار.

قال الشّافعيّ: "هذه الآية دليل على أنّ المؤمنين يرونه عزّ وجلّ يومئذ".

قال ابن كثير: "وهذا الذي قاله الإمام الشّافعيّ رحمه اللَّه تعالى في غاية الحسن، وهو استدلال بمفهوم هذه الآية، كما دلّ عليه منطوق قوله {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، وكما دلّت على ذلك الأحاديث الصّحاح المتواترة في رؤية المؤمنين ربّهم عزّ وجلّ في الدّار الآخرة رؤية بالأبصار في عرصات القيامة، وفي روضات الجنات الفاخرة" انتهى.

قلت: وذلك كرامة منه لهم.

وقوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [سورة يونس: ٢٦]، فقد رُوي أن الزيادة هي النظر إلى اللَّه سبحانه وتعالى وأسند إلى أبي بكر الصديق وغيره من الصّحابة والتّابعين.

قول الأئمة من أهل السنة في رؤية اللَّه تبارك وتعالى يوم القيامة:

قال مالك رحمه اللَّه تعالى: "الناس ينظرون إلى اللَّه تعالى يوم القيامة بأعينهم". الشّريعة للآجريّ (٥٧٤).

وقال الإمام أحمد: "من قال: إنّ اللَّه تعالى لا يُرى في الآخرة فقد كفر، وعليه لعنة اللَّه وغضبه. أليس اللَّه عزّ وجلّ يقول: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} وقال تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} هذا دليل على أنّ المؤمنين يرون اللَّه تعالى". الشّريعة للآجريّ (٥٧٧).

وأمّا قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [سورة الأنعام: ١٠٣] فمعناه عند أهل العلم أي لا تحيط به الأبصار ولا تحويه عزّ وجلّ، وهم يرونه من غير إدراك، ولا يشكّون في رؤيته كما يقول الرّجل: رأيتُ السّماء وهو صادق، ولم يحط بصرُه بكلّ السماء ولم يدركها، وكما يقول الرّجل: رأيت البحر، وهو صادق، ولم يدركه بصره كلّ البحر، ولم يُحطه ببصره. ذكره الآجريّ في الشّريعة (٢/ ١٠٤٨).

• عن جرير بن عبد اللَّه يقول: كنا جلوسًا عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ نظر إلى القمر

<<  <  ج: ص:  >  >>