وأورد بعضها الشّوكانيّ في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (ص ٣٨٨).
ورُوي عن أبي أمامة قال: كان من أشدّ الناس تكذيبًا لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأكثرِهِ ردًّا عليه: اليهود. فسألوه: أي البقاع شرّ؟ فقال: "حتى أسأل صاحبي جبريل". فجاء فسأله، فقال: حتى أسأل ربّي، قال: فسأل ربَّه فقال: "شرّ البقاع أسواقها، وخير البقاع مساجدها". فهبط جبريل فقال: يا محمد قد دنوتُ من اللَّه عزّ وجلّ دنوًّا ما دنوتُ مثله قطّ، فكان بيني وبينه سبعون حجابًا من نور، فقال: "إنّ شرّ البقاع أسواقها، وخير البقاع مساجدها".
ذكره الذهبيّ في "العلو" (٢١٦) عن هشام بن عمّار، نا صدقة بن خالد، نا عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن زيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، فذكره.
وقال: "ليس إسناده بالقويّ".
قلت: عثمان بن أبي العاتكة الأزديّ أبو حفص الدّمشقي القاضي، قال الحافظ في "التقريب": "ضعّفوه في روايته عن علي بن زيد الألهانيّ". وهذا منه.
وعلي بن زيد الألهانيّ ضعّفه أيضًا جماهير أهل العلم.
وأمّا متن الحديث فهو صحيح وسيأتي في المساجد.
وفي الباب عن أنس قال: بينا أنا جالس إذ جاء جبريل عليه السلام، فوكز بين كتفي فقمت -يعني- إلى شجرة فيها مثل وكريّ الطير، فقعد جبريل في أحدهما وقعدت في الآخر، فسمتْ وارتفعت حتى سدت الخافقين، وأنا أقلب طرفي، فلو شئت أن أمس السماء لمسست، فالتفت إلى جبريل فإذا هو كأنه حِلْس فعرفتُ فضل علمه باللَّه علي، ففتح لي باب من أبواب السماء ورأيت النور الأعظم، وإذا دوني حجاب رفرف الدر والياقوت، فأوحى إلي ما شاء أن يوحي".
وقال غيره: في هذا الحديث في آخره، "ولُطَّ دوني الحجاب رفرف الدر والياقوت".
رواه البيهقي في الدلائل (٢/ ٣٦٨ - ٣٦٩) واللفظ له، وأبو نعيم في الحلية (٢/ ٣١٦) وابن خزيمة في التوحيد (١/ ٤٤٦) كلهم من حديث الحارث بن عبيد الإيادي، عن أبي عمران الجوني، عن أنس بن مالك فذكره.
قال الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام (ص ٢٥١): "إسناده جيد حسن، والحارث من رجال مسلم". ولكن فيه علة خفية وهي أن الحارث بن عبيد مع ضعفه خولف.
قال أبو نعيم: "غريب لم نكتبه إلا من حديث أبي عمران، تفرد به الحارث بن عبيد أبو قدامة".
وقال البيهقي: "هكذا رواه الحارث بن عبيد، ورواه حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، عن محمد بن عمير بن عطارد: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان في ملإ من أصحابه فجاءه جبريل، فنكت في ظهره، فذهب به إلى الشجرة فيها مثل وكريْ الطير، فقعد في أحدهما، وقعد جبريل في الآخر فتسامت بنا حتى بلغت الأفق، فلو بسطت يدي إلى السماء لنلتها، فدُلِّيَ بسبب، وهبط النور، فوقع