سُبُحاتُ وجهه ما انتهى إليه بصرُه من خلقه".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١٧٩) من طرق عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى، فذكره.
قوله: "سبحات وجهه" أي جلال وجه اللَّه ونوره، وفي النهاية: أضواء وجهه.
أي أنّ أنوار اللَّه سبحانه وتعالى التي هي محجوبة عن الخلق، لو انكشفتْ لأهلكتْ كلَّ من وقع عليه ذلك النّور.
وفي الحديث دليل على أنّ اللَّه تعالى لا يُرى في الدّنيا؛ لأنّ نوره يحجب الأبصار، وإليه أشار النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله حين سئل: هل رأيتَ ربَّك؟ فقال: "نور أنّى أراه".
وجاء عن ابن عمر، قال: احتجب اللَّه من خلقه بأربع: بنار وظلمة، ونور وظلمة. رواه الدّارميّ في الرّد على الجهمية (١١٨) عن محبوب بن موسى الأنطاكيّ، أنبا أبو إسحاق الفزاريّ، عن سفيان، عن عبيد المكتب، عن مجاهد، عن ابن عمر، فذكره.
وهو حديث موقوف وإسناده صحيح، وهو جزء من الحديث الذي رواه الحاكم (٢/ ٣١٩) من طريق سفيان بإسناده، وقال: "صحيح الإسناد" وقال الذهبي في "العلو" (١٦٩): "إسناده جيد".
وفي الباب أحاديث ضعيفة بل موضوعة أورد بعضها الهيثميّ في "المجمع" (١/ ٧٩ - ٨٠) وحكم عليها: منها حديث أنس، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: سألتُ جبريل: "هل ترى ربّك؟ قال: إنّ بيني وبينه سبعين حجابًا من نور، لو رأيت أدناها لاحترقتُ".
قال: "رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه قائد الأعمش، قال أبو داود: عنده أحاديث موضوعة. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يهم".
ومنها حديث عبد اللَّه بن عمرو، وسهل بن سعد، قالا: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دون اللَّه سبعون ألف حجاب من نور وظلمة، ما تسمع نفس شيئًا من حسن تلك الحجب إلّا زهقت نفسها".
قال: "ورواه أبو يعلى، والطبرانيّ في "الكبير" عن عبد اللَّه بن عمرو وسهل أيضًا، وفيه موسى بن عبيدة لا يحتجّ به".
ومنها حديث أبي هريرة: أنّ رجلًا أتى النّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا محمّد هل احتجب اللَّه عزّ وجلّ عن خلقه بشيء غير السموات والأرض؟ قال: نعم بينه وبين الملائكة الذين حول العرش سبعون حجابًا من نور، وسبعون حجابًا من نار، وسبعون حجابًا من ظلمة، وسبعون حجابًا من رفارف الاستبرق، وسبعون حجابًا من رفارف السندس، وسبعون حجابًا من در أبيض وسبعون حجابًا من درّ أحمر، وسبعون حجابًا من درّ أصفر. . . . إلخ الحديث.
قال الهيثمي: "رواه الطبرانيّ في "الأوسط" وفيه عبد المنعم بن إدريس كذّبه أحمد، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث.