وأما ما رواه ابن عباس مرفوعًا: "أراكم ستُشَرِّقُون مساجدكم بعدي كما شَرَّقتِ اليهودُ كنائِسها، وكما شَرَّقتِ النصارى بِيعَهَا" فهو ضعيف جدًّا، بل موضوع: رواه ابن ماجه (٧٤٠) عن جُبارة بن المُغلِّس، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحمن البجلي، عن ليث، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
جُبارةُ بن المغلِّس الحِمَّاني ضعيف جدًّا، وقال الدارقطني: متروك، وكذبه البعض.
وليث هو: ابن أبي سلم ضعيف.
وقوله: "ستشرقون مساجدكم": من التشريق وهو: التطيين بالشاروق وهو بمعنى الصاروج. يقال: حوضٌ مشرَّقٌ أي مطليٌّ بالشاروق، وهو الصاروج، أي النُّورة وأخلاطها التي تصرَّج بها الحياض وغيرها، قال الفيروزآبادي: المشرَّق من الحصون: المطيَّن بالشاروق للصاروج أ. هـ. والشاروق والصاروج كلاهما تعريب "جارو" بالفارسية. انظر: المعرب للجواليقي بتحقيق الدكتور ف. عبد الرحيم (٤١٦، ٤٢١).
تنبيه هام: لقد تحرف: "ستشرقون" إلى "ستشرفون" بالفاء في جميع نسخ ابن ماجه وهو لا معنى له هنا.
١٠ - باب ما جاء في ذكر أول مسجد وُضع في الأرض
• عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله! أي مسجد وُضع في الأرض أولُ، قال: "المسجد الحرام" قلت: ثم أي؟ قال: "المسجد الأقصى" قلت: كم بينهما؟ قال: "أربعون سنة. ثم أينما أدركتك الصلاةُ فصَلِّه، فإن الفضل فيه". وفي لفظ مسلم: "فَصَلِّه فإنه مسجد".
متفق عليه: رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٣٦٦)، ومسلم في المساجد (٥٢٠) كلاهما من حديث عبد الواحد، عن الأعمش، حدثنا إبراهيم التيمي، عن أبيه، قال: سمعت أبا ذر فذكره.
انظر بقية الأحاديث في بناء الكعبة المشرفة في كتاب الحج.
[١١ - باب ما جاء في الصلاة في الكعبة المشرفة]
• عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة، هو وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة الحجبيُّ فأغلقها عليه. ثم مكث فيها. قال ابن عمر: فسألت بلالًا حين خرج: ما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: جعل عمودَين عن يساره، وعمودًا عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه. وكان البيتُ يومئذ على ستة أعمدة، ثم صلى.
متفق عليه: رواه مالك في الحج (١٩٣) عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
ورواه البخاري في الصلاة (٥٠٥) عن عبد الله بن يوسف، ومسلم في الحج (١٣٢٩) عن يحيى