تقتلُه الفئة الباغِية، عمار يدعوهم إلى الله، ويدعونه إلى النار".
ولكن رواه مسلم في الفتن (٢٩١٥) من وجه آخر عن أبي نضرة، يحدث عن أبي سعيد الخدري وفيه قال لعمار، حين جعل يحفِر الخندق، وجعل يمسح رأسه ويقول: "بُؤْسَ ابنِ سُميةَ تقتلك فئةٌ باغيةٌ".
فجعل البيهقي في "الدلائل" (٢/ ٥٤٩) ذكر الخندق في رواية أبي نضرة وهما، أو كان قالها عند بناء المسجد، وقالها يوم الخندق.
قلت: يأتي تفصيل ذلك في كتاب فضائل الصحابة، ولا يمنع أن يكون القول الثاني هو الصحيح فقد ثبت عن عدد من الصّحابة أنه قاله أيضًا يوم الخندق.
والمستشهد هنا وهو التعاون على بناء مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فكان عمار رضي الله عنه ممن ضعَّف جهدَه في بناء مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان ينقل لَبِنتين لَبِنتين. وغيره كان ينتقل لبنةً لبنةً.
[١٦ - باب ما جاء أن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]
• عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: مر بي عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري قال: قلت له: كيف سمعتَ أباك يذكر في المسجد الذي أسِّس على التقوى؟ قال: قال أبي: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت بعض نسائه. فقلت: يا رسول الله! أي المسجدين الذي أسِّس على التقوى؟ قال: فأخذ كفًّا من حَصْباءَ فضرب به الأرضَ. ثم قال: هو "مسجدكم هذا" لمسجد المدينة. قال: فقلت: أشهد أني سمعتُ أباك هكذا يذكره.
صحيح: رواه مسلم في الحج (١٣٩٨) عن محمد بن حاتم، حدثنا يحيى بن سعيد، عن حُميد الخرَّاط، قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن فذكره.
ورواه الترمذي (٣٠٩٩)، والنسائي (٦٩٧) من وجه آخر عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبي سعيد الخدري أنه قال: تمارى رجلان في المسجد الذي أسِّس على التقوى من أول يوم. فقال رجل: هو مسجد قُباء، وقال الآخر: هو مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "فهو مسجدي هذا".
قال الترمذي: حسن صحيح غريب من حديث عمران بن أبي أنس. وقد روي هذا عن أبي سعيد من غير هذا الوجه، ورواه أنيس بن أبي يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد".
قلت: حديث أنيس بن أبي يحى رواه الترمذي (٣٢٣) عن قتيبة، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن أنيس بن أبي يحيى به وفيه: امترى رجل من بني خُدْرة، ورجل من بني عمرو بن عوف في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال الخدريُّ: هو مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال الآخر: هو مسجد قباء: فأتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك فقال: " هو هذا، يعني مسجده، وفي ذلك خير كثير".