للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال يحيى بن أكثم: فحججت تلك السنة، فلقيت سفيان بن عيينة، فذكرت له الخبر، فقال لي: مصداق هذا في كتاب الله عز وجل. قال: قلت: في أي موضع؟ قال: في قول الله تبارك وتعالى في التوراة والإنجيل: {بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ} [سورة المائدة: ٤٤ [فجعل حفظه إليهم، فضاع، وقال عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)}. فحفظه الله عز وجل علينا، فلم يضع". انتهى.

ومن العلماء من جعل {الذِّكْرَ} شاملا للقرآن وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأنها مفسرة له، فحفظ القرآن يتضمن حفظ السنة أيضا.

وهو كذلك؛ فإن السنة الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلها محفوظة، إلا أن طريقة حفظها تخلف عن طريق حفظ القرآن، كما بينت ذلك في المقدمة.

٣ - باب قوله: {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (١٨)}

يقال: كانت الشياطين لا يحجبون عن السموات، وكانوا يدخلونها، ويأتون بأخبارها، فلما ولد عيسى عليه السلام، منعوا من ثلاث سماوات، فلما ولد محمد بن عبد الله النبي - صلى الله عليه وسلم - منعوا من السماوات أجمع. فما منهم من أحد يريد استراق السمع إلا رمي بشهاب، وقد جاء في الصحيح:

• عن أبي هريرة قال: إن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق، وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض - ووصف سفيان بكفه، فحرّفها، وبدد بين أصابعه - فيسمع الكلمة، فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا، فيُصَدّق بتلك الكلمة التي سمع من السماء".

صحيح: رواه البخاري في التفسير (٤٨٠٠) عن الحميدى، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو، قال: سمعت عكرمة يقول، سمعت أبا هريرة يقول: فذكره.

• عن عائشة قالت: سأل أناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكهان؟ فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليسوا بشيء". قالوا: يا رسول الله، فإنهم يحدثون أحيانا الشيء يكون حقا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تلك الكلمة من الجن يخطفها الجني، فيقرها في أذن وليه قرَّ الدجاجة، فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة".

متفق عليه: رواه البخاري في التوحيد (٧٥٦١)، ومسلم في السلام (٢٢٢٨: ١٢٣) كلاهما من

<<  <  ج: ص:  >  >>