ورواه مسلم في صلاة المسافرين (٨٣٧) قال: حَدَّثَنَا شيبان بن فرُّوخ، حَدَّثَنَا عبد الوارث، عن عبد العزيز (وهو ابن صُهيب) عن أنس بن مالك قال: كنا بالمدينة، فإذا أَذَّن المؤذِّن لصلاة المغرب ابتدروا السواريّ، فيركعون ركعتين ركعتين، حتَّى إن الرّجل الغريب ليدخل المسجد فيحسِبُ أن الصّلاة قد صُلِّيَتْ من كثرة من يصليها.
وفي رواية أخرى عنده: عن مختار بن فُلفل قال: سألت أنس بن مالك عن التطوع بعد العصر، فقال: كان عمر يضرب الأيدي على صلاة بعد العصر، وكنَّا نُصلِّي على عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشّمس قبل صلاة المغرب، فقلت له: أكان رسولُ الله صلاهما؟ قال: كان يرانا نصليها، فلم يأمرنا ولم يَنْهنا.
وقوله: "يبتدرون السواري" أي: يتسارعون ويستبقون إليها للاستتار بها عند الصّلاة.
وقوله: لم يكن بين الأذان والإقامة شيء" أي: وقت كثير، يريد أنهم كانوا يُسرعون في الركعتين لقلة ما بين الأذان والإقامة من الوقت.
[١٧ - باب ما يقول إذا سمع النداء]
• عن أبي سعيد الخدريّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم النداء فقولوا مِثل ما يقول المؤذن".
متفق عليه: رواه مالك في الصّلاة (٢) عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثيّ، عن أبي سعيد، ورواه البخاريّ في الأذان (٦١١)، ومسلم في الصّلاة (٣٨٣) كلاهما من طريق مالك به.
وما رواه ابن ماجة (٧١٨) من طريق عباد بن إسحق، عن ابن شهاب، عن سعيد، عن أبي هريرة مثله فهو معلول، والمحفوظ ما رواه مالك من حديث أبي سعيد، وقد أشار إلى هذا الترمذيّ (٢٠٨) عقب حديث أبي سعيد قائلًا: وروى عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري هذا الحديث عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: ورواية مالك أصح. انتهى.
وقال النسائيّ في عمل اليوم والليلة (٣٣) بعد أن روي حديث عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري: خالفه مالك، ثم قال: الصواب حديث مالك، وحديث عبد الرحمن بن إسحاق خطأ، وعبد الرحمن هذا يقال له: عبَّاد بن إسحاق وهو لا بأس به، وعبد الرحمن بن إسحاق يرُوي عنه جماعة من أهل الكوفة وهو ضعيف الحديث. انتهى.
وأعلَّه أيضًا البوصيري في زوائد ابن ماجة فقال: هذا إسناد معلول والمحفوظ عن الزهري عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد الخدريّ كما أخرجه الأئمة الستة.
وكذلك من الشاذ أيضًا ما رواه ابن أبي شيبة (١/ ٢٢٧) من طريق زيد بن حباب، عن مالك به من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي أنَّه كان يقول مثل ما يقول المؤذِّن. فخالف زيدُ بن حباب الحفاظَ من أصحاب مالك؛ فإنَّهم لم يذكروا من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وزيد ممن وصف بأنه كان يهم