وبهذا قال جمع من الصحابة وهم زيد بن ثابت وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر، وهو قول الشافعي في القديم. ثم رجع عنه بعد ما بلغه حديث بروع بنت واشق بأن لها الصداق.
وإلى هذا الخلاف يشير الترمذي عقب حديث ابن مسعود فقال:
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم. وبه يقول الثوري وأحمد وإسحاق.
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، منهم: علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر: إذا تزوج الرجل المرأة ولم يدخل بها، ولم يفرض لها صداقا حتى مات، قالوا: لها الميراث، ولا صداق لها، وعليها العدة. وهو قول الشافعي. قال: لو ثبت حديث بروع بنت واشق لكانت الحجة فيما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وروي عن الشافعي أنه رجع بمصر بعد هذا القول، وقال بحديث بروع بنت واشق". انتهى.
وفي الحديث من الفقه: جواز الاجتهاد في الحوادث من الأحكام فيما لم يوجد فيه نص مع إمكان أن يكون فيها نص وتوقيف. قاله الخطابي.
فإذا وقف على نص يخالف اجتهاده يرجع إلى النص ويترك اجتهاده، وإليه أشار الشافعي: "يُقبل الخبر في الوقت الذي يثبت فيه" وقال: "إن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يثبت بنفسه، لا بعمل غيره بعده".
١٠ - باب إنْ كان الولي هو الخاطب فعليه أن يعدل في الصداق
• عن عروة بن الزبير يحدث أنه سأل عائشة:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}[النساء: ٣] قالت: هي اليتيمة في حجر وليها، فيرغب في جمالها ومالها ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة نسائها، فنهوا عن نكاحهن، إلا أن يُقسطوا لهن في إكمال الصداق، وأمروا بنكاح من سواهن من النساء.
قالت عائشة: ثم استفتي الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد: فأنزل الله عز وجل: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ}[النساء: ١٢٧] قالت: فبين الله في هذه أن اليتيمة إذ كانت ذات جمال ومال، ورغبوا في نكاحها، ولم يُلحقوها بسنتها بإكمال الصداق، فإذا كانت مرغوبة عنها في قلة المال والجمال تركوها، والتمسوا غيرها من النساء. قال: فكما يتركونها حين يرغبون عنها، فليس لهم أن ينكحِوها إذا رغبوا فيها إلا أن يُقسِطوا لها الأوفى من الصداق، ويُعطوها حقها.
متفق عليه: رواه البخاري في الوصايا (٢٧٦٣) ومسلم في التفسير (٦: ٣٠١٨) كلاهما من حديث الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أنه سأل عائشة فأخبرته. واللفظ للبخاري، ولفظ