نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - أولًا أسفل البيت، وسببه كما قال: أرفق به وبأصحابه وقاصديه، فلما أصر أبو أيوب وكره أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أسفل وهو في العلو تحول إلى علوه.
وفيه أدب جميل من أبي أيوب بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو خاص به لا يلحق به غيره.
وقوله: يؤتى بالوحي: يعني تأتيه الملائكة والوحي كما جاء في الحديث الصحيح: "إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم"
فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجتنب من أكل الثوم دائمًا لأنه يتوقع مجيء اليلائكة والوحي كل ساعة. وليس هذا لغيره وإنما يكره أكله عند الحضور في صلاة الجماعة.
وبقي النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيت أبي أيوب نحو سبعة أشهر.
[٢٥ - باب بناء مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]
• عن أنس بن مالك قال: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، نزل في علو المدينة، في حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف، قال: فأقام فيهم أربع عشرة ليلة، ثم أرسل إلى ملأ بني النجار، قال: فجاؤوا متقلدي سيوفهم، قال: وكأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته وأبو بكر ردفه، وملأ بني النجار حوله، حتى ألقى بفناء أبي أيوب، قال: فكان يصلي حيث أدركته الصلاة، ويصلي في مرابض الغنم، قال: ثم أمر ببناء المسجد، فأرسل إلى ملأ بني النجار فجاؤوا، فقال: يا بني النجار! ثامنوني حائطكم هذا، فقالوا: لا والله، لا نطلب ثمنه إلا إلى الله، قال: فكان فيه ما أقول لكم، كانت فيه قبور المشركين، وكانت فيه خرب، وكان فيه نخل، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسوّيت، وبالنخل فقطّع، قال: فصفّوا النخل قبلة المسجد، قال: وجعلوا عضادتيه حجاره، قال: جعلوا ينقلون ذاك الصخرة وهم يرتجزون، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم، يقولون: اللهم إنه لا خير إلا خير الآخرة، فانصر الأنصار والمهاجره.
متفق عليه: رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٩٣٢) ومسلم في كتاب المساجد (٥٢٤) كلاهما من حديث عبد الوارث بن سعيد، عن أبي التياح يزيد بن حميد الضّبعي قال: حدثني أنس بن مالك فذكره.
• عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نحمل لبنة، لبنة، وعمار لبنتين لبنتين، فرآه النبي - صلى الله عليه وسلم - فينفض التراب عنه ويقول: "ويح عمار، تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى