وللموضوع تفصيل ذكرته في "دراسات في اليهودية والمسيحية".
١٠ - باب قوله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)}
• عن عدي بن حاتم قال: أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: "يا عدي! اطرح عنك هذا الوثن" وسمعته يقرأ في سورة براءة {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال: "أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئًا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئًا حرموه".
حسن: رواه الترمذيّ (٣٠٩٥) عن الحسين بن يزيد الكوفي، قال: حدّثنا عبد السلام بن حرب، عن غُطَيف بن أعين، عن مصعب بن سعد، عن عدي بن حاتم، قال: فذكره.
قال أبو عيسى: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث".
قلت: غطيف بن أعين الشيباني روى عنه عبد السلام بن حرب كما روى عنه إسحاق بن أبي فروة، وذكره ابن حبان في الثقات. فالظاهر أنه "مقبول" ولكن ذكره الدارقطني في الضعفاء، فلعله من جهالته.
ثم وجدت له متابعا في تفسير ابن مردويه فإنه رواه من حديث عمران القطان، حدّثنا خالد العبدي، عن صفوان بن سُليم، عن عطاء بن يسار، عن عدي بن حاتم فذكره مثل حديث الترمذيّ. ذكره الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف (٢/ ٦٦).
وهي متابعة قوية غير أني لم أقف على ترجمة خالد العبدي.
ويقوّيه أيضًا ما روي عن أبي البختري، عن حذيفة قال: سأل رجل حذيفة، فقال: يا أبا عبد اللَّه، أرأيت قوله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} أكانوا يعبدونهم؟ قال: "لا، كانوا إذا أحلُّوا لهم شيئًا استحلُّوه، وإذا حرَّموا عليهم شيئًا حرَّموه".
رواه سعيد بن منصور (١٠١٢ - التفسير)، وابن جرير في تفسيره (١١/ ٤١٨ - ٤٢٠) من طرق عن الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري، فذكره. وأبو البختري لم يدرك حذيفة.
وهذا التفسير الذي ذكره عدي بن حاتم روي أيضًا عن ابن عباس وكثير من التابعين، وهو الصحيح، ولذا أخرج أئمة الحديث في كتبهم حديث عدي بن حاتم، وحسّنه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان (٦٤).