ورواه أبو يعلى (٤٤٦ - المقصد العلي) من وجه آخر عن رُشيد أبي عبد الله، ثنا ثابت، عن أنسٍ، فذكر نحوه.
ورشيد الزُّرْبري، مجهول كما قال الذهبي في "الميزان"(٢/ ٥١)، ولذا لم يُصحِّح الهيثمي هذا الإسناد؛ وإنَّما اكتفى بقوله كما ذكرتُ، وإن كان عزاه إلى أبي يعلى.
[٥ - باب في الصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى]
• عن أنس بن مالك، قال: مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة تبكي عند قبر، فقال:"اتقي الله واصبري". قالت: إليك عني، فإنَّك لم تُصب بمصيبتي. ولم تعرفه. فقيل لها: إنَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأتت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فلم تجد عنده بوَّابين، فقالت: لم أعرفكَ. فقال:"إنَّما الصبر عند الصدمة الأولى".
متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٢٨٣) ومسلم في الجنائز (٩٢٦) كلاهما من حديث شعبة، عن ثابت البُناني، عن أنس بن مالك، فذكر مثله.
وفي معناه ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعًا:"الصبر عند الصدمة الأولى". رواه البزار (٧٩١ - كشف الأستار)، عن أحمد بن منصور، ثنا فهد بن حيان، ثنا عمران، عن محمد، عن أبي هريرة، فذكر مثله.
قال البزار:"لا نعلمه عن أبي هريرة إلَّا من هذا الوجه".
قلت: فيه فهد بن حيان أبو زيد، من أهل البصرة، اتفق أهل العلم على تضعيفه. قال ابن حبان:"كان ممن يخطئ حتى يجيء بأحاديث مقلوبة، خرج عن حد الاحتجاج به لما كثر ذلك"، "المجروحين"(٨٦٨).
وأمَّا قول البزار:"لا نعلمه عن أبي هريرة إلَّا من هذا الوجه. فإنَّه قال ذلك حسب علمه، وإلَّا فقد رُوي هذا الحديث أيضًا من وجه آخر، رواه أبو يعلى (٦١٤١ - الأثري) من طريق أبي عبيدة الناجي، حدَّثنا ابن سيرين، عن أبي هريرة، في قصَّة طويلة، وفيه: "الصبر عند الصدمة الأولى، الصبر عند الصدمة الأولى".
وأبو عبيدة الناجي هو بكر بن الأسود، من أهل البصرة، وكان يحيى بن كثير يروي عنه ويقول: "هو كذَّاب". وضعَّفه ابن معين، وقال ابن حبان: "كان أبو عبيدة رجلًا صالحًا، وهو من الجنس الذي ذكرت ممن غلب عليه التقشف حتى غفل عن تعاهد الحديث، فصار الغالب على حديثه المعضلات".
انظر: "المجروحين" (١٤٩).
وفي معناه أيضا ما رُوي عن ابن عباس مرفوعًا: "الصبر عند أول صدمة". رواه البزار (٧٩٢ -