جدّي، عن الحسين، قال يحيي (وهو ابن أبي كثير): وأخبرني أبو سلمة، أنّ عروة بن الزّبير أخبره، أنَّ أبا أيوب أخبره أنه سمع ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يسق مسلم لفظه، وإنما أحاله على حديث عثمان.
وأبو أيوب يرويه أيضًا عن أبي بن كعب الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرّجل الذي جامع امرأته ولم ينزل ... إلخ الحديث.
فكان أبو أيوب يفتي بهذا بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أيضًا؛ لأنّه لم يبلغه النّسخ.
وأمّا ما رواه ابن ماجه (٦٠٧) وغيره بلفظ: "الماء من الماء" فإسناده ليس بذاك، فيه عبد الرحمن بن سُعاد، قال فيه البخاري: فيه نظر، ومع ذلك ذكره ابن حبان في الثقات (٥/ ٩٣)، وقال الحافظ:"مقبول" يعني إذا توبع وإلا فلين الحديث.
• عن أبي سعيد الخُدري قال: خرجتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين إلى قباء، حتى إذا كُنّا في بني سالم وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على باب عِتْبان، فصرخ به، فخرج يجر إزاره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعْجَلنا الرجلَ". فقال عِتْبانُ: يا رسول الله! أرأيت الرجلَ يُعْجَلُ عن امرأته ولم يُمْنِ، ما عليه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما الماء من الماء".
متفق عليه: رواه مسلم في الحيض (٣٤٣) عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، ورواه أيضًا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد، ولم يذكر القصة، وإنما ذكر لفظ الحديث فقط، وهو:"إنما الماء من الماء". وفي رواية عنده وعند البخاري في الوضوء (١٨٠) عن الحكم، عن ذكوان، عن أبي سعيد الخدري، قال: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ على رجل من الأنصار، فأرسل إليه فخرج ورأسه يقطر، فقال: لعلَّنا أعْجَلْناك؟ ، قال: نعم يا رسول الله! ، قال:"إذا أُعْجِلتَ أو أُقْحِطْت فلا غُسْلَ عليك، وعليك الوضوءُ". واللفظ لمسلم.
قوله:"أقحطْتَ" من القحط، وهو عدم المطر، يقال: أقحط الرجلُ إذا جامع ولم يُنزِل، وهو بمعنى الإكسال كما في حديث أُبِي بن كعب.
وقوله:"إنما الماءُ من الماء" الماءُ الأول: الماءُ المُطَهْر، والثاني: المني. فيه حجة لمن لم ير إيجاب الغُسل من التقاء الختانين، إلا أنه منسوخ بحديث عائشة وغيرها في قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا جلس بين شُعَبِها الأربع، ومس الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل". وسيأتي في الباب الذي يليه.
٢ - باب ما يوجب الغسلَ ونسخ أنَّ الماء مِن الماءِ
• عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا جلس بين شُعَبِها الأربع، ثم جَهَدَها فقد وجب الغسلُ".